للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومِن المناجشة -وهي أيضًا نوع من الاسترسال- أن يقول البائع للمشتري: أُعْطِيت في السلعة كذا -وهو يكذب- قال: أعطيت فيها مئتان وهو كذاب، المشتري سوف يقول: إذا كانت سِيمَت بمئتين أنا أطلع السوم وأقول مئتان وعشرة، وفعلًا اشتراها بمئتين وعشرة، وتبين أن قيمتها مئة وخمسون. له الخيار؟ نعم، له الخيار؛ وذلك لأنه غُبن على وجه يشبه النجْش.

ومن ذلك أيضًا إذا قال: اشتريتها بمئة وهو كاذب، اشتراها بخمسين، لكنه قال: اشتريتها بمئة، فأخذها المشتري بمئة وخمسة؛ ليربح ذاك خمسة ريالات، وتبين أنه اشتراها بخمسين. له الخيار؟ نعم، له الخيار؛ لأن هذا من النجش؛ فإنه استثار المشتري حتى اشتراها بأكثر من ثمنها.

فإن قيل: ما حكم النجْش؟ وما حكم أن يفعل ما يسترسل معه المشتري؟

فالجواب: كله حرام؛ لأنه خلاف ما يجب أن يكون عليه المؤمن لأخيه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (١٢).

فإن قيل: يوجد بعض الباعة إذا سُئِلَ عن قيمة السلعة، قال: قيمتها مئة، وهو يبيعها بثمانين، لكنه يخشى أن يكون المشتري ممن يماكسون، فقال: إنها بمئة على تقدير أنه سيماكِس حتى تنزل إلى ثمانين، فهل يجوز له ذلك؟

الجواب: فيه تفصيل؛ إن كان حين يطمئن المشتري ويأخذها بما قدَّره فهذا حرام؛ لأنه من الغِش، وإن كان إذا رأى المشتري عازمًا على الأخذ قال له: اصبر يا أخي، أنا قلتُ لك: بمئة؛ لأن بعض الناس يماكسني ويضطرني إلى أن أنزِّل، ولكن قيمتها الحقيقية ثمانون، فهذا أيش؟ هذا جائز، وإن كان فيه شيء بالنسبة للبائع، لكن هو الذي جنى على نفسه؛ لأنه إذا قال: يا أخي اصبر، القيمة ثمانون، لكني قلت لك: بمئة خوفًا من المماكسة، فإن المشتري سوف لا يطمئن أيضًا إلى أن القيمة ثمانون.

<<  <  ج: ص:  >  >>