للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما في الشرع: فهو إعطاء مالٍ لمن ينتفع به ويرد بدله، فقوله: (يرد بدله) خرج بذلك العارية؛ لأن العارية لا يرد بدلها، وإنما يرد عينها.

أما حكمه فيقول المؤلف: (وَهُوَ مَنْدُوبٌ) وهذا بالنسبة للمقرِض، أما بالنسبة للمستقرض فهو مباح، فهنا طرفان: مقرض ومستقرض، المقرض القرض في حقه مندوب، أي: مستحب؛ وذلك لأنه من الإحسان، فيدخل في عموم قول الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥]، ومن حيث المعنى: فإن فيه دفعَ حاجة أخيك المسلم، وربما يكون القرض أحيانًا أكثر ثوابًا من الصدقة؛ لأن القرض لا يستقرض إلا محتاجٌ في الغالب.

أما بالنسبة للمستقرض فإنه مباح، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استقرض (٤)، فهو مباح للمستقرض.

ولكن إذا قال قائل: الولي على مال اليتيم هل يُندب له أن يقرض؟

فالجواب: لا؛ لأن الله يقول: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٨]، لكن لو كان إقراضُه من مصلحته، فهنا يكون الإقراض مستحبًّا من وجهين: من جهة الإحسان للمستقرض، ومن جهة الإحسان في حفظ مال اليتيم.

ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- قاعدة أو ضابط ما يصح قرضه، فقال: (وما يصح بيعه صح قرضه) (ما) هنا يجوز أن تكون اسمًا موصولًا، أي: والذي يصحُّ بيعه صحَّ قرضه، وأن تكون اسم شرط، ويكون فعل الشرط (يصح) وجوابه (صح). هذا الضابط: كل ما صح بيعه صح قرضه، وكل ما لا يصح بيعه لا يصح قرضه؛ هذا الضابط.

وعلى هذا فالكلب يصح قرضه؟ لا، لماذا؟ لأنه لا يصح بيعه. الميتة لا يصح قرضها، حتى لمن حلت له فإنه لا يصح قرضها؛ لأنه لا يصح بيعها. المرهون لا يصحُّ قرضه؛ لأنه لا يصح بيعه. الموقوف لا يصح قرضه؛ لأنه لا يصح بيعه ... وهلم جرًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>