الصحيح لا، أن المثليَّ ما كان له مثيل مقارِب، وليس بلازم أن يكون مطابقًا؛ ولهذا نعلم أن كل إنسان لو أنه أقرض بعيرًا ثم أراد المستقرض أن يردَّ بعيرًا مثلها في السن واللون والسِّمن والكبر فهو أقرب إلى المماثلة من القيمة، أليس كذلك؟ لأن القيمة مخالفة له في النوع ومقاربة له في التقدير، لكن المماثل من الحيوان أقرب بلا شك.
ولهذا كان القول الصحيح أن المثلي ما كان له مثل أو مقارب، يعني: مثلٌ يماثلة، وهذا من كل وجه قد يكون متعذرًا أو مقاربًا؛ وعلى هذا فالحيوان مثلي، ولهذا استسلف النبي صلى الله عليه وسلم بَكْرًا ورد خيارًا رباعيًّا (٤)، فردَّ مثله، جعله مثله.
ولما جاء الرسول إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند إحدى نسائه بطعام، ضربت المرأة التي كان في بيتها ضربت يد الغلام حتى سقط الطعام وانكسرت الصحفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَاءٌ بِإِنَاءٍ وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ»(٧)، وأخذ طعام التي كان عندها وصحفتها وردهما مع الرسول، فهنا ضمن بماذا؟ بالمثل، مع أن فيه صناعة، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم مثليًّا، ولا شك أن هذا القول هو الأقرب.
وعلى هذا فإذا استقرض بعيرًا ثبت في ذمته بعير مثله. استقرض إناءً ثبت في ذمته إناءٌ مثله، وهذا لا شك أقرب من القيمة.
إذن خالفنا المؤلف في هذه المسألة أو وافقناه؟
طلبة: خالفناه.
الشيخ: خالفناه في أن نرد المثل أو في معنى المثل؟
الطلبة: معنى المثل.
الشيخ: في معنى المثل، لكننا نتفق معه بأنه يردُّ المثل في المثليات والقيمة في غيرها.
ثم قال:(فَإِنْ أعْوَزَ المِثْلُ فَالقِيْمَةُ) أو (فالقيمةَ إذن) يجوز الوجهان.
(فإن أعوز المثل)، (أعوز) أي: أعسر المثلُ، بمعنى أنه عند الوفاء لم يجد المقترضُ مِثْلًا، نرجع الآن إلى القيمة؛ العلة: لأنه إذا تعذَّر الأصل رجعنا إلى البدل، فهذا لم نجد الأصل، تعذر المثلي، نرجع إلى البدل وهو القيمة.