أحدها: أنهما أرادا اختصاص جواز ذلك بالصحابة، وهو الذي فهمه من حرم الفسخ. الثاني: "اختصاص وجوبه بالصحابة, وهو الذي كان يراه شيخنا قدس الله روحه يقول: إنهم كانوا قد فرض عليهم الفسخ لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم به, وحتمه عليهم، غضبه عندما توقفوا في المبادرة إلى امتثاله وأما الجواز والاستحباب فللأمة إلى يوم القيامة ... ". الثالث: "أنه ليس لأحد من بعد الصحابة أن يبتدئ حجاً قارناً أو مفرداً بلا هدي، بل هذا يحتاج معه إلى الفسخ، لكن فرض عليه أن يفعل ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في آخر الأمر من التمتع لمن لم يسق الهدي، والقران لمن ساق، كما صح عنه ذلك، وأما أن يحرم بحج مفرد، ثم يفسخه عند الطواف إلى عمرة مفردة, ويجعله متعة، فليس له ذلك، بل هذا إنما كان للصحابة ... ". ثم قال: وإذا تأملت هذين الاحتمالين الأخيرين، رأيتهما إما راجحين على الاحتمال الأول، أو مساويين له، وتسقط معارضة الأحاديث الثابتة الصريحة به جملة، وبالله التوفيق. وأما ما رواه مسلم في "صحيحه" عن أبي ذر، أن المتعة في الحج كانت لهم خاصة، فهذا إن أريد به أصل المتعة، فهذا لا يقول به أحد من المسلمين، المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم القيامة, وإن أريد به متعة الفسخ احتمل الوجوه الثلاثة المتقدمة. وقال الأثرم في سننه، وذكر لنا أحمد بن حنبل، أن عبد الرحمن بن مهدي حدثه عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبي ذر، المتعة في الحج كانت لنا خاصة، فقال أحمد بن حنبل: رحم الله أبا ذر، هي في كتاب الله عز وجل: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]. =