للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى إليهما ثَالِثًا، وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ الله عَلَى مَنْ تَابَ". أخرجه الشيخان (١)، وهذا لفظهما، والترمذي (٢) بمعناه. [صحيح].

قوله: "لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب" أي: لا يزال حريصاً على الدنيا حتى يموت ويمتلئ قلبه (٣) من تراب قبره، وهذا الحديث خرج على حكم غالب بني آدم في الحرص على


(١) البخاري رقم (٦٤٣٩) ومسلم رقم (١٠٤٨).
(٢) في "السنن" رقم (٢٣٣٧).
وهو حديث صحيح.
• قال الطيبي في شرح "مشكاة المصابيح" (٩/ ٣٩٣ رقم ٥٢٧٣):
معناه: أنه لا يزال حريصاً على الدنيا حتى يموت، ويمتلئ جوفه من تراب قبره, وهذا الحديث خرج على حكم غالب بني آدم في الحرص على الدنيا، ويؤيده قوله: "ويتوب الله على من تاب"، وهو متعلق بما قبله، ومعناه: إن الله تعالى: يقبل التوبة من الحرص المذموم وغيره من المذمومات.
ثم قال: وموقع قوله: "لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب"، موقع التذييل والتقرير للكلام السابق، ولذلك أعاد ذكر ابن آدم ونيط به حكم أشمل وأعم، كأنه قيل: ولا يشجع من خلق من التراب إلا بالتراب.
وانظر "فتح الباري" (١١/ ٢٥٦).
(٣) وعلاج الحرص والطمع لهذا الداء، يعتمد على دواء مركب من ثلاثة أركان: الصبر، والعلم، والعمل، وهي أمور لا بد منها لكلِّ من أصابه هذا الداء.
١) وهو العمل، الاقتصاد في المعيشة والرفق في الإنفاق، فمن أراد عز القناعة فينبغي أن يسد عن نفسه أبواب الخروج ما أمكنه, ويرد نفسه إلا ما لا بد له منه، فمن أكثر خرجه، واتسع إنفاقه، لم تمكنه القناعة التي منها الإجمال في الطلب والاقتصاد في المعيشة, وهو والأصل في القناعة، ونعني به الرفق في الإنفاق وترك الخرق فيه.
٢) أنه إذا تيسر لك في الحال ما يكفيك فلا ينبغي أن تكون شديد الاضطراب لأجل المستقبل، ويعينك على ذلك قصر الأمل، والتحقق بأن الرزق الذي قدر لك لا بد وأن يأتيك وإن لم يشتد حرصك، فإن شدة =

<<  <  ج: ص:  >  >>