(٢) ثم قال الغزالي: فهما داخلان تحت الإرادة ولكن أحدهما مراد لذاته، والآخر مراد لغيره. (٣) قال الغزالي: أما في قولك: إن هذا الشرك لا خير تحته؛ فإن هذا مما تقصى العقول عن معرفته، ولعلك فيه مثل الصبي الذي يرى الحجامة شرًّا محضاً، أو مثل الغبي الذي يرى القتل قصاصاً شراً محضاً؛ لأنه ينظر إلى خصوص المقتول، لأنه في حقه شر محض، ويذهل عن الخير العام الحاصل للناس كافة، ولا يدري أن التوصل بالشر الخاص إلى الخير العام خير محض، ولا ينبغي أن يهمله. أو اتهم عقلك في الخاطر الثاني، وهو قولك: إن تحصيل ذلك لا من ضمن ذلك الشر ممكن، فإن هذا أيضاً دقيق غامض، فليس كل محال وممكن مما يدرك إمكانه واستحالته لبديهة، بل ربما عرف ذلك بنظر عامل دقيق يقصر عنه الأكثرون. فاتهم عقلك في هذين الطرفين، ولا تشكن أصلاً في أنه أرحم الراحمين، وأنه سبقت رحمته غضبه.