للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيرهما (١): هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود، بل لا يستغني عنه شيء (٢) لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في وجوده، ولا في بقائه، بل كل شيء فوجوده منه، أو مما هو منه، فكل شيء سواه فهو له مملوك في ذاته وصفاته، وهو مستغن عن كل شيء، فهذا هو الملك المطلق.

فائدة (٣): العبد لا يتصور أن يكون [ملكاً] (٤) مطلقاً أصلاً؛ فإنه أبداً مفتقر إلى الله وإن استغنى عما سواه، ولا يتصور أن يحتاج إليه كل شيء، لكن يستغني عنه أكثر الموجودات، نعم .. للعبد مملكة خاصة به وهي قلبه وقالبه، وجنده شهوته وغضبه وهواه، ورعيته لسانه ويداه وعيناه وسائر أعضائه، فإذا ملكها ولم تملكه وأطاعته ولم يطعها، فقد نال درجة الملك في عالمه، فإذا انضم إليه استغناؤه عن [كل] (٥) الناس واحتاج الناس كلهم إليه في حياتهم العاجلة والآجلة فهو الملك في العالم الأرضي، وهذه رتبة الأنبياء صلوات الله عليهم، فإنهم استغنوا في الهداية إلى الحياة الآخرة عن كل أحد واحتاج إليهم كل أحد، ويليهم في هذا الملك [٤٢٦ ب] العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وإنما ملكهم بقدر قوتهم على إرشاد العباد، واستغنائهم عن [الإرشاد] (٦)، وهذا الملك عطية من الملك الحق للعبد يعطيه من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم.


(١) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص ٦٦).
(٢) في (أ، ب) زيادة: "في شيء".
(٣) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى".
(٤) كذا في المخطوط (أ، ب)، والذي في "المقصد الأسنى": "مالكاً ملكاً".
(٥) سقطت من (أ، ب).
(٦) كذا في (أ، ب)، والذي في "المقصد الأسنى": الاسترشاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>