وقال الزجاجي في "اشتقاق أسماء الله" (ص ٢٢١): "المؤمن في صفات الله - عز وجل - على وجهين: أحدهما: أن يكون من الأمان؛ أي: يؤمن عباده المؤمنين من بأسه وعذاب، فيأمنون ذلك؛ كما تقول: "آمَنَ فلان فلاناً"؛ أي: أعطاه أماناً ليسكن إليه ويأمن، فكذلك أيضاً يقال: الله المؤمن، أي: يُؤْمِن عباده المؤمنين، فلا يأمن إلا من آمنه ... والوجه الآخر: أن يكون المؤمن من الإيمان، وهو التصديق، فيكون ذلك على ضربين: أحدهما: أن يقال: الله المؤمن؛ أي: مصدق عباده المؤمنين؛ أي: يصدِّقُهم على إيمانهم، فيكون تصديقه إياهم قبول صدقهم وإيمانهم وإثابتهم عليه. والآخر: أن يكون الله المؤمن؛ أي: مصدق ما وعده عباده؛ كما يقال: صَدَقَ فلان في قوله وَصَدَّقَ؛ إذا كرر وبالغ، يكون بمنزلة ضَرَبَ وضَرَّبَ؛ فالله - عز وجل - مصدق ما وعد به عباده ومحققه. فهذه ثلاثة أوجه في المؤمن، سائغ إضافتها إلى الله. ولا يصرف فعل هذه الصفة من صفاته - عز وجل -، فلا يقال: آمن الله؛ كما يقال: تقدس الله، وتبارك الله، ولا يقال: الله يؤمن، كما يقال: الله يحلم ويغفر، ولم يستعمل ذلك؛ كما قيل: تبارك الله، ولم يقل: هو متبارك، وإنما تستعمل صفاته على ما استعملتها الأمة وأطلقتها".