للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وعرضة لهدفات] (١) من ظاهره، ولم يؤمنه من هذه المخاوف إلا الذي أعدّ له الأدوية النافعة دافعة لأمراضه، والأطعمة مزيلة لجوعه، والأشربة حميتة لعطشه، والأعضاء دافعة عن بدنه، والحواس جواسيس منذرة مما يقرب من مهلكاته، ثم خوفه الأعظم من مهلكات الآخرة، ولا يحصنه عنها إلا كلمة التوحيد، والله هاديه إليها ومرغّبه فيها حيث قال: "لا إله إلا الله حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي" فلا أمن في العالم إلا وهو مستفاد بأسباب هو المتفرد بخلقها، والهداية إلى استعمالها، فهو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، فهو المؤمن المطلق حقاً. انتهى.

وعرفت أنه اختار أنه من الأمان.

فائدة (٢): يتخلق العبد من هذا الوصف أن يأمن الخلق كلهم جانبه، بل يرجو كل خائف الاعتضاد به في دفع الهلاك عن نفسه في دينه ودنياه، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليأمن جاره بوائقه" (٣)، وأحق العباد باسم المؤمن من كان سبباً لأمن العباد من عذاب الله بالهداية إلى طريق الله والإرشاد إلى سبيل النجاة، وهو حرفة الأنبياء - عليهم السلام -، والعلماء.


(١) كذا في المخطوط (أ، ب)، والذي في "المقصد الأسنى": "وعرضة للآفات المحرقة والمفرقة والجارحة والكاسرة".
(٢) انظر: "شرح القشيري لأسماء الله الحسنى" (ص ٧٦ - ٧٩).
(٣) أخرج البخاري رقم (٦١٣٦، ٦١٣٨)، ومسلم رقم (٤٨) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".

<<  <  ج: ص:  >  >>