للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تهافتون في النار تهافت الفراش، وأنا آخذ بحجزكم" (١).

قوله: "المهَيْمِنْ" (٢) فسره بما تراه، وقال الغزالي (٣): معناه في حق الله أنه القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم، وإنما قيامه عليها باطلاعه واستيلائه وحفظه، فكل مشرف على كنه الأمور ومستول عليه حافظ له، فهو مهيمن عليه، والإشراف يرجع إلى العلم، والاستيلاء إلى كمال القدرة، والحفظ إلى العقل، فالجامع بين هذه المعاني اسمه [٤٢٩ ب] المهيمن، ولن يجمع ذلك على الإطلاق والكمال إلا لله.

فائدة (٤): كل عبد راقب الله تعالى حتى أشرف على أغواره وأسراره واستولى مع ذلك على تقويم أحواله وأوصافه وقام بحفظه على الدوام على مقتضى تقويمه؛ فهو مهيمن بالإضافة إلى قلبه.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٣٩٠)، والطيالسي في "المسند" رقم (٤٠٢)، والطبراني في "الكبير" رقم (١٠٥١١)، والقضاعي في "مسند الشهاب" رقم (١١٣١) بإسناد حسن.
(٢) الهيمنة صفة ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب، من اسمه المهيمن، قال تعالى: {الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: ٢٣].
قال ابن جرير في "جامع البيان" (٨/ ٤٨٦) في تفسير الآية (٤٨) من سورة المائدة: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨] ... الآية. وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال: إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده، قد هيمن فلان عليه، فهو يهيمن هيمنة، وهو عليه مهيمن.
وقال ابن منظور في "اللسان": المهيمن اسم من أسماء الله تعالى في الكتب القديمة، والمهيمن: الشاهد، وهو من أمن غيره من الخوف.
وقال الكسائي: المهيمن: الشهيد.
وقال البيهقي في "الاعتقاد" (ص ٥٥): المهيمن: هو الشهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو عمل، وهو من صفات ذاته، وقيل: هو الأمين. وقيل: هو الرقيب على الشيء والحافظ له.
(٣) في "المقصد الأسنى".
(٤) انظر: "شرح القشيري لأسماء الله الحسنى" (ص ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>