للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو كالبنيان مثلاً، فإنه محتاج إلى مقدر يقدر ما لا بد منه من الخشب واللبن، ومساحة الأرض وعدد الأبنية بطولها وعرضها، وهذا يتولاه المهندس ويصوره، ثم يحتاج إلى بانٍ يتولى الأعمال التي عندها يحدث أصول الأبنية ثم يحتاج إلى من ينقش ظاهره ويزين صورته فيتولاه غير البناء، وليس كذلك في أفعال الله إذ هو المقدر والموجد والمزين، فهو الخالق البارئ المصور [فهو باعتبار تقدير هذه الأمور وباعتبار الإيجاد على وفق التقدير خالق، وباعتبار مجرد الإيجاد والإخراج من العدم بارئ] (١).

وأما المصور فهو له تعالى من حيث رتب صور الأشياء أحسن [٤٣١ ب] ترتيب وصورها أحسن تصوير، وهذا الترتيب والتصوير موجود في كل جزء من أجزاء العالم وإن صغر، حتى في النملة، بل في كل عضو من أعضاء النملة، وهكذا في كل صورة لكل حيوان ولكل نبات، بل لكل جزء من كل حيوان ونبات.


= الدليل من السنة:
١ - حديث أنس - رضي الله عنه -: "لما صور الله آدم في الجنة؛ تركه ما شاء الله أن يتركه ... " رواه مسلم (٢٦١١).
٢ - حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: " ... سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره وشق سمعه وبصره" رواه مسلم (٧٧١).
قال ابن منظور في "لسان العرب": "ومن أسماء الله المصوِّر، وهو الذي صور جميع الموجودات ورتبها، فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها".
قال الشيخ ابن سعدي في "التفسير" (٥/ ٣٠١): "الخالق البارئ المصور: الذي خلق جميع الموجودات وبرأها وسواها بحكمته، وصوره بحمده وحكمته، وهو لم يزل ولا يزال على هذا الوصف العظيم.
(١) كذا العبارة في المخطوط، والذي في "المقصد الأسنى": فهو باعتبار تقدير الأمور خالق، وباعتبار الإيجاد والاختراع من العدم إلى الوجود بارئ، وباعتبار جعل المخلوقات على وفق سابق علمه مصور ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>