للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روي عن عيسى أنه مرّ هو والحواريون بكلب ميت فقالوا: ما أنتن هذه الجيفة؟ فقال عيسى - عليه السلام -: ما أحسن بياض أسنانه! تنبيهاً على أن الذي [٤٣٢ ب] ينبغي أن يذكر من كل شيء ما هو حسن.

قوله: "القَهَّار" فسراه بما تراه، وهذه الصفة ثابتة في القرآن، {وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)} (١) وفيه: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (٢).

وقال غيرهما: هو الذي يقصم ظهور الجبابرة من أعدائه فيقهرهم بالإماتة والإذلال، بل الذي لا موجود إلا وهو تحت قهره وقدرته عاجز في قبضته.

فائدة (٣): للعبد من هذه الصفة أن يتخلق بقهر شهواته وقهر شيطانه، [ومن] (٤) قهر شهواته فقد قهر الناس جميعاً؛ لأنهم إنما ينافسونه على الشهوات ومن أعرض [٢٧٣/ أ] وقهرها لم يبق لهم شيء ينازعونه فيه.


(١) سورة الرعد: ١٦.
(٢) سورة الأنعام: ١٨، ٦١.
قال ابن جرير في "جامع البيان" (٩/ ١٨٠): "القاهر" المذلل المستعبد خلقه، العالي عليهم، وإنما قال: {فَوْقَ عِبَادِهِ} لأنه وصف نفسه تعالى بقهره إياهم، ومن وصفه كل قاهر شيئاً أن يكون مستعلياً عليه، فمعنى الكلام إذاً، والله الغالب عباده، المذلِّلُهم العالي عليهم بتذليله لهم، وخلقه إياهم، فهو فوقهم بقهره إياهم، وهم دونه.
وانظر: "جامع البيان" (١٣/ ٤٩٦)، "شأن الدعاء" (ص ٥٣)، "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج (ص ٣٨).
(٣) انظر: "شرح القشيري لأسماء الله الحسنى" (ص ١٠٤).
(٤) في المخطوط (أ، ب): "مهما"، وما أثبتناه من "المقصد الأسنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>