للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "الرَّزَّاق" (١) فسراه بما تراه، وقال غيرهما: الرزاق هو الذي خلق الأرزاق والمرتزقة وأوصلها إليهم، وخلق لهم أسباب التمتع بها، والرزق رزقان، ظاهره: وهي الأقوات والأطعمة وذلك للظواهر وهي الأبدان، وباطنة: وهي المعارف والمكاشفات وذلك للقلوب والأسرار وهو أشرف الرزقين، فإن ثمرته حياة الأبد، وثمرة الرزق الظاهر قوة الجسد إلى مدة قريبة الأمد [٤٣٣ ب]، والله هو المتولي لخلق الرزقين، والمتفضل بإيصاله إلى الخلق، ولكنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.

فائدة: يتخلق العبد بأن يعلم أن الرزقين منه تعالى فلا يطلبهما (٢) من غيره، فإذا رزق العبد الرزق الباطن، فرزقه علماً هادياً ولساناً مرشداً معلماً، ليكون سبباً لوصول الأرزاق


(١) الرَّزْق صفة فعلية ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب والسنة، والرزَّاق، (الرَّزاق) من أسمائه تعالى.
قال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا} [النحل: ١١٤].
وقال تعالى: {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨)} [الحج: ٥٨].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)} [الذاريات: ٥٨].
قال الهراس: "ومن أسمائه سبحانه (الرزاق)، وهو مبالغة من (رازق)؛ للدلالة على الكثرة, مأخوذ من الرَّزق - بفتح الراء - الذي هو المصدر، وأما الرزق - بكسرها -؛ فهو لعباده الذين لا تنقطع عنهم أمداده وفواضله طرفة عين، والرزق كالخلق، اسم لنفس الشيء الذي يرزق الله به العبد؛ فمعنى الرزاق: الكثير الرزق، صفة من صفات الفعل، وهو شأن من شؤون ربوبيته - عز وجل -، لا يصح أن ينسب إلى غيره، فلا يسمى غيره رازقاً كما لا يسمى خالقاً، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [الروم: ٤٠]؛ فالأرزاق كلها بيد الله وحده، فهو خالق الأرزاق والمرتزقة، وموصلها إليهم، وخالق أسباب التمتع بها؛ فالواجب نسبتها إليه وحده وشكره عليها فهو مولاها وواهبها".
انظر: "شأن الدعاء" للخطابي (ص ٥٤)، "استشاق أسماء الله" للزجاجي (ص ١٢٦).
(٢) قال القشيري في "شرح الأسماء الحسنى" (ص ١٠٩): "ومن عرف أن الله هو الرزاق أفرده بالقصد إليه وتقرب إليه بدوام التوكل عليه، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: ٢٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>