للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "واتقوا النساء" أقول: تخصيص بعد التعميم من باب عطف، وجبريل وميكائيل على الملائكة لبيان شرفهما، وهنا خصهن مع دخلوهن في الدنيا زيادة للتحذير من فتنتهن، فهن أعظم شهوات الدنيا, ولذا قدم تعالى ذكرهن في قوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} (١) الآية. فقدمهن على الستة الأشياء التي ذكرها في الآية، فإن القناطير المقنطرة أحد الستة، وإنما بينت بأنها الذهب والفضة، وقدمهن - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "حبب إلي من دنياكم النساء والطيب" (٢) الحديث.

والفتنة: هي الامتحان، والابتلاء، والاختبار. [١٢١ ب].

وقوله: "فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" أقول: لا أعرف أول فتنة بني إسرائيل بالنساء، فمن عرفه فليلحقه، ولكن أول فتنة في الكون كانت من أول امرأة فيه، فإن حواء أم البشر؛ هي حسنت لآدم أبي البشر أكله من الشجرة التي كانت سبباً لأعظم الفتن من الخروج من الجنة وتحمل فتن الدنيا، وكانت أول فتنة في الدنيا من النساء؛ فكان قتل هابيل وهو أول دم سفك على وجه [الأرض] (٣) بسبب النساء.

أما الأول: فإنه أخرج ابن جرير (٤)، وابن أبي حاتم (٥)، عن ابن مسعود وناس من الصحابة قصة طويلة, ومنها: أنه قال إبليس: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (١٢٠)} (٦)


(١) سورة آل عمران: ١٤.
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٨)، والنسائي رقم (٣٩٤٠)، وأبو يعلى رقم (٣٤٨٢) , والطبراني في "الأوسط" رقم (٥١٩٩)، والبيهقي في "السنن" (٧/ ٧٨) من طرق من حديث أنس - رضي الله عنه -، وهو حديث صحيح.
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في "جامع البيان" (١٦/ ١٨٩).
(٥) في تفسيره (٧/ ٢٤٣٧ - ٢٤٣٨).
(٦) سورة طه: ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>