والكافر منفك عن تلك الحالات بالتكاليف، آمنٌ من تلك المخاويف، مقبل على لذاته, منهمك في شهواته، معتز بمساعدة الأيام، يأكل ويتمتع كما تأكل الأنعام وعن قريب يستيقظ من هذه الأحلام، ويحصل السجن الذي لا يرام، فنسأل الله السلامة من أهوال يوم القيامة. وانظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (١٨/ ٩٣). وقال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٨/ ٥١١): قوله: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" معناه: أن المؤمن مدة بقائه فيها، وعلمه بما أعدّ له في الآخرة من النعيم الدائم والبشر، أنه عند موته وعرضه عليه, فحبسه عنه في الحياة الدنيا، وتكليفه ما ألزمه، ومنعه مما حرم عليه من شهواته كالمسجون المحبوس عن لذاته ومحابه، حتى إذا ما فارقها استراح من نصبها وأنكادها خرج إلى ما أُعدَّ له واتسعت آماله، وقضى ما شاء من شهواته، والكافر إنما له من ذلك ما في الدنيا على قلته وتكديره بالشوائب، وتنكيده بالعوائق حتى إذا فارق ذلك صار إلى سجن الجحيم وعذاب النار، وشقاء الأبد.