للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُتَّاب، فإنهم يتعلمون آيات الكتاب، ويؤمنون بفطرهم كإيمان المكلفين من أولي الألباب، بل هذه الطريقة رجع إليها المحققون من علماء الأمة بعد أن تغلطوا، وولجوا كل طريقة مدلهمة كابن الخطيب الرازي، فقال: لقد تأملت الكتب الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيناها تشفي عَليلاً، ولا تروي غليلاً.

قال: واعلم أني بعد التوغل في هذه المضائق والتعمق في الاستكشاف عن هذه الحقائق رأيت الأصوب الأصلح طريقة القرآن العظيم، والفرقان الكريم، وهو ترك التعمق والاستدلال بأقسام السموات والأرضين على وجود رب العالمين. إلى آخر كلامه.

وقال أبو المعالي الجويني: لقد قرأت خمسين ألفاً في خمسين ألفاً، ثم خليت أهل الإِسلام بإسلامهم وعلومهم الظاهرة، وركبت البحر العظيم، وخضت في الذي نهى عنه أهل الإِسلام، وكل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن قد رجعت من الكل إلى كلمة الحق عليكم بدين العجائز، فإن لم [٥٨ أ/ ج] يدركني الحق بلطيف بره، فأموت على دين العجائز، وكم عافية أمري عند الرحيل على طريقة أهل الحق، وكلمة الإخلاص لا إله إلا الله، فالويل لابن الجويني - يريد نفسه - إن لم يختم له بخير، ومثله قال ابن دقيق العيد:

تجاوزت حد الأكثرين إلى العلا ... وسافرت واستفتيتهم في المراكز

وخضت بحاراً ليس يدرك قعرها ... وألقيت نفسي في فسيح المفاوز

ولججت في الأفكار حتى يراجع ... اختياري، واستحسان دين العجائز

<<  <  ج: ص:  >  >>