للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية النسائي في سننه الكبرى (١) من جهة سفيان عن أبي جعفر عن أبي سليمان عن أبي محذورة قال: كنت أؤذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنت أقول في أذان الفجر الأول: حي على الصلاة حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم.

قال ابن حزم (٢): إسناده صحيح، ومثله في "سنن البيهقي الكبرى" (٣) أنه كان أبو محذورة يثوب في الأذان الأول من الصبح بأمره - صلى الله عليه وسلم -.

إذا عرفت هذا؛ عرفت أن هذا مقيد [٤١٦ ب] لما أطلق من التثويب في أذان الفجر أن المراد به الأذان الأول الذي شرع قبل طلوع الفجر لإيقاظ وإزعاج النائم، لا أنه يؤذن بها في الأذان الذي هو للصلاة بعد دخول وقتها، فهو ليس من ألفاظ الدعاء إلى الصلاة والإعلام بدخول وقتها، بل هو من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ النائم، فهو كألفاظ التسبيح (٤) الأخير الذي يعتاده الناس في هذه الأعصار المتأخرة في ديار الزيدية عوضاً عن الأذان الأول. وقد حققنا ذلك في شرحنا "سبل السلام على بلوغ المرام" (٥).


(١) رقم (١٦٢٣) وفي "المجتبى" رقم (٦٤٧).
(٢) في صحيحه رقم (٣٨٦).
(٣) (١/ ٤٢٣) بسند صحيح.
(٤) قال الشقيري في "السنن والمبتدعات" (ص ٤٩): وقولهم قبل الفجر على المنابر: يا رب عفواً بجاه المصطفى كرماً؛ بدعة وتوسل جاهلي، وكذا التسبيح، أو القراءة, أو الإشعار، بدع في الدين مغيّرة لسنة الأمين - صلى الله عليه وسلم - ...
وقال ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص ١٥٧): وقد رأينا من يقوم بالليل كثيراً على المنارة فيعظ ويذكر، ومنهم من يقرأ سوراً من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات.
(٥) (١/ ٤٥ - ٤٧ - مع سبل السلام) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>