للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمر (١)، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: لما قدمنا المدينة نالنا وباء من وعكها شديد فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس، وهم يصلون في سبحتهم قعوداً، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم" فدل أنه وإن كان معذوراً، ويحتمل أن الحمى لم تبلغ بهم إلى ضعف يعجزون معه عن القيام.

قوله: "أجل" بفتح الهمزة, فجيم ساكنة فلام. حرف جواب، مثل نعم، فيكون تصديقاً للخبر أي: نعم هي على نصف صلاة القائم في أجرها، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أخبره أنه اختص بأن صلاته قاعداً ليست كصلاة غيره. وقد عدوا ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، وفيه دليل على أن الصحابة لا يرون أنه - صلى الله عليه وسلم -[٤٤٤ ب] يفعل إلا الأفضل من الأعمال.

٣٣ - وعن محارب بن دثار قال: نَظَرَ حُذَيَفْة - رضي الله عنه - إِلَى رَجُلِ يُصَلِّيْ وَلاَ يُقِيمُ ظَهْرهُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ: أَيأْلَمُ ظَهْرُكَ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: إِنّكَ لَوْ مُتَّ عَلَى حَالَتِكَ هَذهِ مُتَّ مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه رزين.

قلت: وهو في البخاري (٢) بلفظ: رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلاً لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، قَالَ: فَلَمَا قَضَى صَلاَتُه، قَالَ لَه حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ؟ وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ الله مُحَمَدِاً - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم. [صحيح]

قوله: "محارب بن دثار" أقول: محارب، بالحاء المهملة، اسم فاعل من حارب. ودثار، بكسر الدال المهملة، ومثلثة آخره راء، وهو أبو النضر محارب بن دثار بن كردوس السدوسي، قاضي الكوفة، تابعي، سمع جابر بن عبد الله وابن عمر، روى عنه مسعر، والثوري، وشعبة، وابن عيينة (٣).


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ١٣٦ - ١٣٧) رقم (٢٠). وهو حديث ضعيف بهذا السياق.
(٢) في "صحيحه" رقم (٧٩١) و (٨٠٨)، وأخرجه أحمد (٥/ ٣٨٤).
(٣) قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول" (٢/ ٨٦٦ - قسم التراجم).

<<  <  ج: ص:  >  >>