للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوه؛ ليست على ظاهرها، بل هي متأولة عند جميعهم، فمن قال بجهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين تأول {فِي السَّمَاءِ} (١) على السماء.

ومن قال من دهماء النظار والمتكلمين وأصحاب التنزيه, بنفي الحد لاستحالة الجهة في حقه؛ تأولهما تأويلاً بحسب متقضاها.

وقال (٢): ويا ليت شعري ما الذي جمع أهل السنة (٣) والحق على وجوب الإمساك عن التفكر في الذات، كما أمروا وسكتوا الحيرة العقل، واتفقوا على تحريم الكيف والتشبيه، وأن ذلك من وقوفهم وإمساكهم، لا عن شك في الوجود والموجود غير قادح في التوحيد.

قلت: هو خبر قوله: وإمساكهم بل هو حقيقته, ثم تسامح بعضهم بإثبات الجهة، وهل بين التكييف وإثبات الجهة فرق؟

لكن إطلاق ما أطلقه الشارع من أنه {الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (٤) وأنه {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (٥) مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلي، الذي لا يصح في معقول غيره وهو قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٦) فهي عصمة لمن وفق الله إلى هداه. انتهى.


(١) سورة البقرة الآية (١٤٤).
(٢) القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٢/ ٤٦٥).
(٣) فأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الله فوق جميع مخلوقاته, مستوٍ على عرشه, في سمائه, عالياً على خلقه, بائناً منهم، يعلم أعمالهم ويسمع أقوالهم، ويرى حركاتهم وسكناتهم، لا تخفى عليه خافية.
وقد تقدم تفصيل ذلك.
(٤) سورة الأنعام الآية: (١٨)، قال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: ١٨].
(٥) سورة طه الآية: (٥).
قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥].
(٦) سورة الشورى الآية (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>