للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب ان يكون المأمور والمنهي متقياً، ولأوامر الله ممتثلاً لمن أمره أو نهاه، ولا يكون من الذين إذا قيل له: اتقِ الله أخذته العزة بالإثم، فقد توعده الله بقوله: {فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢٠٦)} (١).

قوله: فجالسوهم ... إلى آخره:

لفظ الترمذي بزيادة: "في مجالسهم" وهو لفظه في "الجامع" (٢)، ولا بد منها لإفادتها أنَّ العلماء هم الذين أتوا إلى مجالس العصاة، وقصدوهم، لا أنَّ العصاة قصدوا أهل العلم، ففيه زيادة وتضمين على العلماء، لا [٦٥ أ/ ج] يفيده إلا هذه الزيادة، فما كان يحسن من المصنف إسقاطها.

وخص الأكل والشرب؛ لأنهما من أعظم التأنيس لمن يواكل، ويشارب، ولذا جعل الشارع من حقوق المسلم على المسلم إجابة دعوه لأنَّ عدم إجابتها فيه إيحاش له، والمسلم مأمور بتأنيس أخيه المسلم منهي عن إيحاشه، فمواكلة الظالم من أعظم التأنيس له، وأعظم دلالة على موالاته، فلذا خصهما - صلى الله عليه وسلم - من بين سائر الأنواع.

فيه تحريم مخالفة من نُهي عن المنكر، ولم ينته عنه، وأن الواجب اعتزاله، والإعراض عنه، وهجره إعلاناً بقبيح ما هو عليه، وإظهاراً لعدم موالاته؛ لأنَّ المجالسة والمواكلة دليل على الموالاة لهم، وهجر العصاة واجب سيما بعد نهيهم، وإصرارهم على معاصيهم، فإن قلت: أيحرم ذلك؟

قلت: الحديث أفاد تحريمه، كيف وقد أخبر أنَّ الله لعنهم على لسان أنبيائه، أي: مبلغاً سبحانه لعنه إياهم على لسان رسله فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، كأنَّ المراد طمس على


(١) سورة البقرة الآية: (٢٠٦).
(٢) في "جامع الأصول" (١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>