للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبهم وختم عليها، وأنزل بها القسوة والغفلة، وصارت قلوب الناهي والمنهي شيئاً واحداً قلوباً غلفاً عقوبة لهم وأيّ عقوبة، فإن عقوبات (١) القلوب سلب إيمانها وإدراكها الحق أعظم العقوبات، كما عاقب الله ثعلبة بن حاطب (٢) فإنَّه لما أخلف الله ما وعده، ومنع ما أوجب عليه، وتولى معرضاً أعقبه نفاقاً إلى يوم يلقاه.

قوله: "ولعنهم على لسان داود" الآية:

أقول: أي: اقرءوا الآية، وهي قوله: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} (٣) الآية.

والآية دلت على أنَّ المذكورين من علمائهم كفروا، وأن نهيهم الذي نهوه أولاً لا يخرجون به من عهده الواجب عليهم؛ لأنهم والوهم بعد ذلك.

فلذا قال: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ} فلم يعدّ نهيهم الأول شيئاً، ويحتمل أنه أريد بالكفر كفر نعمة العلم الذي أعطاهم الله، ثم يحتمل أنهم عند المخاللة، والمواكلة لم يبق في قلوبهم إنكار لما هم عليه، أو أنه كانوا قادرين على التغيير باليد أو اللسان، أو أنه كان تكليف بني إسرائيل في النهي أشدّ من تكليف هذه الأمة، وأنه لا يكفي إنكار القلب.


(١) في المخطوط مكررة.
(٢) انظر كتاب "ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه" تأليف: عراب بن محمود الحمش، وكتاب: "الشهاب الثاقب في الذب عن الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب" تأليف: أبي أسامة سليم الهلالي.
(٣) سورة المائدة الآية (٧٨ - ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>