للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجيب عنه: بأنه لما كان خبراً يتعلق بفعل المسئول مغايراً لما في اعتقاده وتفرد به من بين جماعة كانوا أولى بالاستفهام عنه كالشيخين، ولذا قال أئمة الأصول: أن من تفرد بالإخبار بقتل خطيب على المنبر، لا يقبل خبره إذا كان المسجد واحداً.

ثم اختلف العلماء في هذا الحكم، وهو جواز البناء (١) على الصلاة لمن أتى بالمنافي لها سهواً، فقال سحنون: إنما يبني من سلم على ركعتين كما في هذه القصة؛ لأن ذلك واقع على غير القياس، فيقصر به على مورد النص وألزمه بقصر ذلك على إحدى صلاتي العشي فيمنعه مثلاً في العشاء.

وقال آخرون: يجوز البناء مطلقاً [١٢٨ ب] ما لم يطل الفصل، واختلفوا في قدر الطول، فحدّ الشافعي (٢) بالعرف، وعنه بقدر ركعة، وعن أبي هريرة بقدر الصلاة التي يقع السهو فيها.

قلت: هذه تقادير لا دليل عليها، بل متى ذَكر أو ذُكِّر بنى (٣) على ما صلَّى كما اتفق له - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: "ثم كبرّ فسجد" هذا بوّب له البخاري (٤): باب يكبر في سجود السهو [٤٨٥/ أ] اختلف في سجود السهو بعد السلام، هل يشترط له تكبيرة إحرام أو يكتفي بتكبير السجود؟

فالجمهور (٥) على الاكتفاء، وهو غالب ظاهر الأحاديث، ويدل حديث أبي داود في رواية ابن سيرين لهذا الحديث أنه قال: "فكبر، ثم كبر وسجد للسهو".


(١) انظر: "المغني" (٢/ ٤٠٣)، "فتح الباري" (٢/ ١٠٢ - ١٠٣).
(٢) "المجموع شرح المهذب" (٤/ ٦٤ - ٦٩)، "التمهيد" (٢/ ٢٧٧)، و"الأوسط" لابن المنذر (٣/ ٣٠٨).
(٣) انظر: "المغني" (٢/ ٤٠٣)، و"فتح الباري" (٣/ ١٠١).
(٤) في صحيحه (٣/ ٩٩ الباب رقم "٥" باب من يكبر في سجدتي السهو).
(٥) ذكره الحافظ في "الفتح" (٣/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>