للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أبي داود (١): "ثم آتي قوماً يصلون في بيوتهم ليست بهم علة" فهذا يدل على أنّ نفاقهم نفاق معصية لا كفر؛ لأنّ الكافر لا يصلي في بيته، إنما يصلي في المسجد رياء وسمعة، فإذا خلى في بيته, كان كما وصفه الله به من الكفر بالاستهزاء، نبّه عليه القرطبي (٢).

ثم قال (٣): وعلى تقدير أن يكون المراد بالنفاق في الحديث نفاق الكفر، فلا يدل على عدم الوجوب؛ لأنه يتضمن أنّ ترك الجماعة من صفات المنافقين، وقد نهينا عن التشبه بهم.

وسياق الحديث يدل على الوجوب من جهة المبالغة في ذم من تخلف عنها.

انتهى بتلخيص من "الفتح" (٤)، وذكر جوابين فكانت عشرة أجوبة عن حديث الباب.

وأقول: قد دار الكلام على أنّ الحديث محمول على المنافقين نفاق كفر أو نفاق معصية، وقد علم أنّ نفاق الكفر لا عقاب على أهله في الدنيا، بل قد عصموا دماءهم وأموالهم بقول: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله [١٤٦ ب]- صلى الله عليه وسلم -، وصار لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، وحينئذٍ فالهم بالتحريق ليس إلاّ لتأخرهم عن الصلاة، فلا يتم القول بأنّ التحريق الذي همّ به لأجل نفاق الكفر.

وإن أريد نفاق المعصية فهو أيضاً دليل على أنّ ذلك لأجل عدم شهود [الصلوات] (٥) إذ عدم شهودها هو الذي به صاروا منافقين نفاق معصية.

فعلى التقديرين لا يتم الجواب عن الاستدلال بالحديث على وجوب الجماعة عيناً.


(١) في "السنن" رقم (٥٤٩)، وهو حديث صحيح دون قوله: ليست بهم علة.
(٢) في "المفهم" (٢/ ٢٧٦ - ٢٧٧).
(٣) الحافظ في "فتح الباري" (٢/ ١٢٧).
(٤) (٢/ ١٢٦ - ١٢٨).
(٥) في (ب): "الصلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>