للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضم نفي الحياة إلى نفي الموت كالاستدلال عليهم لرد ما تخيلوه وتوهموه من أن كسوفها سبب عن موت إبراهيم، يريد: كما أنهما لا يكسفان لحياة [٣٠٥ ب] أحد ولا تقولونه ولا مناسبة عقلية ولا ادعائية بين الكسوف والحياة، كذلك لا يكسفان لموت أحد كما تزعمونه وتخيلونه من المناسبة في ذلك، فكما أن هذا باطل بإقراركم [فكذلك] (١) هذا.

وهو نظير ما ذكره أئمة التفسير في قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤)} (٢) فإنه تعالى نفى الاستقدام، أي: طلب التقدم مع أنه معلوم عقلاً إحالته، وأنه لا يتصور طلبه فضمه إلى نفي طلب التأخر الممكن عقلاً إعلاماً بأنه قد صار الممكن كالمحال في عدم حصوله عند مجيء الأجل.

وحاصله: أنه قد يضم الممكن إلى المحال لبيان إحالته، وغير الواقع إلى الواقع لبيان عدم وقوعه، فكذلك هنا ضم ما لم يقولوه، وهو سبب الكسوف عن الإيجاد إلى ما قالوه، وهو تسببه عن الموت للإعلام بأن الأمرين سواء في عدم تغير النيّرين عنهما.


(١) في (أ): "فذلك".
(٢) سورة الأعراف الآية (٣٤).
قال البيضاوي: إنَّ هذا بمنزلة المثل: أي: لا يقصد من مجموع الكلام إلا أن الوقت لا يتغير ولا يتبدل، وهو نظير قولهم: الرمان حلو حامض، يعني: فالجزاء مجموع الأمرين لا كل واحد على حدته.
وقال الواحدي: إن قيل: ما معنى هذا مع استحالة التقدم على الأجل وقت حضوره؟ قيل: هذا مبني على المقاربة، تقول: إذا جاء الشتاء إذا قرب وقته, ومع مقاربة الأجل يتصور التقدم، وإن كان لا يتصور مع الانقضاء، والمعنى لا يستأخرون عن آجالهم إذا انقضت, ولا يستقدمون عليها إذا قاربت الانقضاء، وهذا بناء على أنّه معطوف على قوله: لا يستأخرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>