للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: [٥ ب] "وفرحة عند لقاء ربه"؛ لما يناله من الجزاء الذي أخبر عنه بقوله: "وأنا أجزي به" وغير ذلك مما ذكر في جزاء الصيام.

قوله: "ولخلوف" (١) بضم الخاء المعجمة واللام وسكون الواو بعدها فاء.

"فم الصائم" أي: تغير رائحته من خلو المعدة.

"أطيبُ عند الله من ريح المسك".

أقول: اُستُشكل (٢) ذلك؛ لأنَّه تعالى منزه عن استطابة (٣) الروائح، إذ ذلك من صفات الحيوان.

قال المازري (٤): هو مجازي؛ لأنها جرت العادة بتقريب الرائحة الطيبة منا فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله تعالى فالمعنى: أنَّه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم أي: يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم، وإلى ذلك أشار ابن عبد البر (٥).

وقيل: إنَّ المراد أنَّ ذلك في حق الملائكة، وأنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما تستطيبون ريح المسك.


(١) تقدم شرحها.
(٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٠٥ - ١٠٦).
(٣) قال ابن القيم في "الكلم الطيب" (ص ٦٧ - ٦٨) بتحقيقي: كل هذا تأويل لا حاجة إليه، وإخراج للفظ عن حقيقته، والصواب: أنّ نسبة الاستطابة إليه سبحانه كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه، فإنّها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أنّ رضاه وغضبه، وفرحه، وكراهته، وحبّه، وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك، كما أنّ ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات المخلوقين، وصفاته لا تشبه صفاتهم، وأفعاله لا تشبه أفعالهم.
(٤) في "المعلم" (٢/ ٤١).
(٥) في "الاستذكار" (١٠/ ٢٤٨ - ٢٤٩ رقم ١٤٧٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>