للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "إني لست مثلكم". كأنَّه جواب ما يقال: فلِمَ واصلت يا رسول الله؟ فقال: "إني لست مثلكم".

"إني أضلُّ عند ربي يطعمني ويسقيني". اختلف العلماء (١) في معناه، فقيل: هو على حقيقته، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بطعام من عند الله كرامة له، في ليالي صيامه.

قلت: وفيه نظر؛ لأنَّه قال (٢): أظل. وهو إنما يكون في النهار، ويقابل ببات، ولذا قيل: "أظلُّ أرعى وأبيت أطحن".

وإن كان الإطعام في الليل، كما يدل له لفظه: "أبيت" فلم يكن مواصلاً.

وقال الجمهور (٣): هو مجاز عن لازم الطعام والشراب، وهو القوة [٥١ ب].

فكأنَّه قال: يعطيني قوة الآكل والشارب، ويفيض عليَّ ما يسد مسدَّ الطعام والشراب، [ويقوي على الطاعة من غير ضعف في القوة ولا كلال] (٤). ورجح هذا ابن القيم في الهدي النبوي (٥).

واختلف العلماء (٦): هل هو محرم على غيره - صلى الله عليه وسلم - لثبوت النهي عنه، فالأكثر على أنَّه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - وأنَّ غيره ممنوع منه، فقيل: كراهة, وقيل: تحريماً. والسلف مختلفون في ذلك.


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٠٧).
(٢) قال ابن بطال في "شرحه لصحيح البخاري" (٤/ ١١١).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٤) كذا العبارة في (أ. ب) والذي في "فتح الباري" (٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨)، ويقوى على أنواع الطاعة من غير ضعف في القوة، ولا كلال في الإحساس.
(٥) في "زاد المعاد" (٢/ ٣١).
(٦) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>