للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: واختلفوا: هل يختص ذلك بالولي؛ لأنَّ الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية, ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة في الحياة, فكذلك في الموت إلاَّ ما ورد فيه الدليل، فيقتصر على ما ورد، ويبقى على الأصل، وهذا هو الراجح، وقيل: لا يختص بالولي، فلو أمر أجنبياً بأنْ يصوم عنه أجزى كما في الحج، وقيل: يصح استقلال الأجنبي بذلك، وذكر الولي لكونه الغالب.

قال: وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير، وبه جزم أبو الطيب الطبري، وقواه بتشبيهه - صلى الله عليه وسلم - له بالدين.

قوله: "قيل: صام عنه وليه على ظاهره" وهو قول الشافعي (١) القديم. تقدم الكلام فيه.

قوله: "وعليه أكثر الفقهاء" نقل هذا القول ابن حجر (٢) عن الماوردي (٣) قال: أي: فعل عنه ما يقوم مقام الصوم، قال: وهو نظير قوله: "التراب وضوء المسلم إذا لم يجد الماء" قال: فسمى البدل باسم المبدل عنه, فكذلك يسمى الإطعام صوماً، انتهى.

قلت: ولا ملجأ لإخراج الحديث عن ظاهره ولفظه، وقال: إنَّ المجيزين لم يوجبوا الصوم بل قالوا (٤): إنَّه يخير الولي بين الإطعام والصوم. انتهى.

الخامس: حديث ابن عباس:

٥ - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّى ذَلِكِ عَنْهَا؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ".


(١) انظر: "المجموع شرح المهذب" (٦/ ٤١٥).
(٢) في "فتح الباري" (٤/ ١٩٤).
(٣) في "الحاوي الكبير" (٣/ ٤٥٢ - ٤٥٣).
(٤) ذكره الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>