قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة" مبالغة في أنها هي الدين، ويحتمل [١٤٠ ب] أنها حقيقة؛ لأنّ من نصح لله كما قالوا: "لمن يا رسول الله؟ قال: لله" فإنه لا يتم نصحه لله إلاّ بقيامه بوظائف الدين المأمور بها فعلاً والمنهي عنها تركاً، وكذلك:
"لكتابه" فإنّ نصح الكتاب العمل به، وكذلك:
"لرسوله" فإنّ نصحه اتباع أوامره والانتهاء عن نواهيه, وكذلك:
"لأئمة المسلمين" بمعاونتهم على فعل الخيرات, وكفهم عن المقبحات.
"والمسلم أخو المسلم لا يخذله، ولا يكذبه، ولا يظلمه" فإنّ هذه تنافي أخوته إياه.
"وإنّ أحدكم مرآة أخيه" أي: مثلها في إراءة الحسن والقبيح.
"فإن رأى به أذىً فليمطه عنه" أي: يزله عنه.
"أخرجه الترمذي".
قلت: في "الجامع" ساقه هكذا ثم قال: أخرجه الترمذي مفرقاً في ثلاثة مواضع. قال: والرواية الأولى - يريد التي ساقها المصنف وساقها ابن الأثير - ذكرها بطولها رزين، انتهى.
راجعت "سنن الترمذي"، فحديث أبي هريرة فيه ساقه إلى قوله: "ما كان في عون أخيه" فقط, وذكر حديث: "إنّ أحدكم مرآة أخيه" إلى آخره حديث مستقل، وقال: ضعيف، شعبة أحد رواته, والمرآة مفعلة من الرؤية, وإلى هذا انتهى شرح العراقي على الترمذي.
الرابع:
٤ - وعن عاصم الأحول قال: قُلْتُ لأَنَسٍ - رضي الله عنه -: أَبَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ". فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِى".
= وأخرج حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أحمد في "المسند" (٢/ ٢٩٧)، والترمذي في "السنن" رقم (١٩٢٦)، ومحمد بن نصر رقم (٧٤٨)، والنسائي (٧/ ١٥٧). انظر: "تغليق التعليق" (٢/ ٥٤ - ٥٧).