للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد" وهذا استدلال من نظر عبد الله ويقال له: قد رخص الله لهم في الآية, فما معنى: "لو رخص لهم" ولا يخفى أنّ هذه العلة التي ذكرها تجري في التيمم من الحدث غير الجنابة، وأنه يرفع شرعية التيمم.

ثم قال أبو موسى: "قلت له: إنما كرهتم" أي: قلتم بالحضر، "لذا" الدليل.

"قال نعم" ظاهر الكلام أن القائل "قلت" أبو موسى والقائل "نعم" عبد الله، لكن قال في "الفتح" (١): أن القائل: "قلت" هو الأعمش، والمقول له شقيق، فروى له أبو موسى حديث عمَّار، لما لم يأت عبد الله بدليل ناهض على ذلك، وأخبره أنه لا دليل له إلا ما أخبره به.

"فقال أبو موسى لعبد الله: ألم تسمع قول عمار لعمر - رضي الله عنهما -، بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجنبت, فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة" كأنه أقاس جملة البدن على [٣٢٥ ب] أعضاء التيمم، والتراب على الماء في عموم البدن به، وأخذ رفع الجنابة بالتراب من الآية، كما قررناه.

"ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له" فأقره - صلى الله عليه وسلم - على ما فهمه من رفع الجنابة بالتراب، لكنه عليه كيفية التيمم منها.

"فقال: إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا، وضرب بكفيه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه" شك من أحد الرواة، قال في "الفتح" (٢): كذا بالشك، بجميع الروايات، وفي رواية أبي داود (٣) تحرير ذلك من طريق أبي معاوية، ولفظه: "ثم ضرب بشماله على يمينه, وبيمينه على شماله على الكفين، ثم مسح وجهه"، وفيه الاكتفاء بضربة واحدة.


(١) (١/ ٤٥٦).
(٢) (١/ ٤٥٦).
(٣) في "السنن" رقم (٣٢١)، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>