للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال إسحاق بن راهويه (١): أن قصة عمر وعثمان تدل على وجوب الغسل، لا على عدم الوجوب من جهة ترك عمر للخطبة واشتغاله بمعاتبة عثمان، وتوبيخ مثله على رؤوس الناس، ولو كان ترك الغسل مباحاً لما فعل عمر ذلك، وإنما لم يرجع عثمان للغسل لضيق الوقت، إذ لو فعل لفاتته الجمعة، أو لكونه قد اغتسل؛ لأنه قد روي أنه كان لا يترك إضافة الماء على بدنه يوماً واحداً.

قال ابن دقيق العيد (٢): ذهب الأكثرون إلى استحباب غسل الجمعة، وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر، وقد [٣٦٣ ب] أوّلوا صيغة الأمر على الندب، وصيغة الوجوب على التأكيد كما يقال: إكرامك عليَّ واجب.

وهو تأويل ضعيف، إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً على هذا الظاهر.

وأقوى ما عارضوا به حديث: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث، فعول على المعارضة به كثير من المصنفين ووجه الدلالة فيه قوله: "فالغسل أفضل"، فإنه يقتضي اشتراك الغسل والوضوء في أصل الفضل فيستلزم إجزاء الوضوء.

إلا أنه ذكر الحافظ ابن حجر (٣): أن طرقه ضعيفة ولهم أدلة أخرى كلها مدخولة.

"وأن يستن" يدلك أسنانه بالسواك.

"وأن يمس طيباً إن وجد" قال القرطبي (٤): ظاهره وجوب الاستنان والطيب، لذكرهما بالعطف وتقدير الغسل واجب، والاستنان والطيب قال: وليسا بواجبين اتفاقاً.


(١) انظر: "المغني" (٣/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٢) في "إحكام الأحكام" (٢/ ١١٠ - ١١٢).
(٣) (٢/ ٣٦٢).
(٤) في "المفهم" (٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>