وقالت فرقة أخرى: بل هذه الأحاديث فيها الناسخ والمنسوخ، فينظر في تاريخها، فإن علم المتأخر منها, حكم بأنه الناسخ، وإلا توقفنا فيها. وقالت فرقة أخرى: بل بعضها محفوظ, وبعضها غير محفوظ, وتكلمت في حديث: "لا عدوى". وقالت: قد كان أبو هريرة يرويه أولاً، ثم شك فيه فتركه وراجعوه فيه, وقالوا: سمعناك تحدث به. فأبى أن يحدث به. قال أبو سلمة: فلا أدري، أنسي أبو هريرة, أم نسخ أحدُ الحديثين الآخر؟ وأما حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد مجذوم فأدخلها معه في القصعة فحديث لا يثبت ولا يصح، وغاية ما قال فيه الترمذي: إنه غريب لم يصححه ولم يحسنه، وقد قال شعبة وغيره: اتقوا هذه الغرائب. قال الترمذي: ويروي هذا من فعل عمر، وهو أثبت، فهذا شأن هذين الحديثين اللذين عورض بهما أحاديث النهي. أحدهما: رجع أبو هريرة عن التحديث به وأنكره. والثاني: لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم - تقدم تخريجه وهو حديث ضعيف. وانظر: "مفتاح دار السعادة" (٣/ ٣٦٤ - ٣٧٩)، "فتح الباري" (١٠/ ١٥٨ - ١٦١). (١) الترمذي في "السنن" (٤/ ٢٦٦). (٢) (٢/ ٢٧١ رقم ١٣٣٦) حيث قال: الفضل بن فضالة بن أبي أمية, أبو مالك البصري، أخو مبارك، ضعيف، من السابعة، وانظر: "الميزان" (٤/ ١٦٩)، و"التاريخ الكبير" (٧/ ٤٠٥).