للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عبد البر (١): اختلف فيه عن ابن عباس (٢) [٤٣٧ ب] وعائشة (٣)، وجاء عن ابن عمر من وجه ضعيف، وهو قول الشعبي وسعيد بن جبير، واحتجوا بعموم: {قُلْ لَا أَجِدُ} (٤) والجواب: أنها مكية، وحديث التحريم بعد الهجرة، وبأن نص الآية على تحريم غير ما ذكر إذ ذاك، فليس فيها نفي ما سيأتي.

وعن بعضهم: أن آية المائدة خاصة ببهيمة الأنعام؛ لأنه مقدم قبلها حكاية عن الجاهلية؛ لأنهم كانوا يحرمون أشياء من الأزواج الثمانية بآرائهم، فنزلت الآية: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (٥) أي: من المذكورات إلا الميتة منها أو الدم المسفوح، ولا يُردَّ كون لحم الخنزير ذكر معها؛ لأنها قرنت به علة تحريمه وهو كونه رجساً، فهذا بعض أدلة الفريقين.

ثم اختلف القائلون بالتحريم في المراد ما له ناب، فقيل: إنه ما يتقوى به ويصول على غيره ويصطاد ويعدو بطبعه غالباً؛ كالأسد والفهد والصقر والعقاب، وأما ما لا يعدو كالضبع والثعلب فلا وإلى هذا ذهب الشافعي (٦) والليث (٧) ومن تبعهما.


(١) في "التمهيد" (١٠/ ٣٥٠ - الفاروق).
(٢) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" رقم (٨٧٠٩) عن الضحاك قال: تلا ابن عباس هذه الآية: {قُلْ لَا أَجِدُ} [الأنعام: ١٤٥] فقال: "ما خلا هذا فهو حلال".
(٣) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" رقم (٨٧٠٨) عن القاسم بن محمَّد قال: سئلت عائشة عن أكل ذي ناب من السباع فقلت: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} إلى قوله: {دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام الآية ١٤٥]. فقالت: قد ترى في القدرة صفرة الدم. وهو أثر صحيح.
(٤) سورة الأنعام الآية: ١٤٥.
(٥) سورة الأنعام الآية: ١٤٥.
(٦) انظر: "حلية العلماء" (٣/ ٤٠٥)، "البيان" (٤/ ٥٠٢).
(٧) انظر: "عيون المجالس" (٢/ ٩٧٩ رقم ٦٨٥)، "بدائع الصنائع" (٥/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>