للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "فجحد بنو آدم":

أقول: فيه أن طباع الآباء يرثها في الغالب الأبناء في الطباع والأخلاق، ولذا قال بنو إسرائيل لمريم: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)} (١) فأنكروا أن تأتي بخلاف ما كان عليه قراباها، وفي عكسه قال إخوة يوسف: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (٢)، فلا يستنكر إن أتى منه ما أتى من أخيه شقيقه، ولذا قيل:

يَنْشَو الصَّغيرُ على ما كان والده ... إنَّ [العروق] (٣) عليها تَنْبتُ الشَّجرُ

ثم لا أدري هل أعطي آدم الأربعين بعد الجحد أم أقام الله عليه بينة هبته، وكانت [] (٤) فمن وجد أحد الأمرين ألحقه.

قوله: "ونسي آدم":

أقول: إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} ولا لوم عليه في النسيان لأنه جبلي لا يخلو عنه البشر إنما يؤمر العبد بالاحتراز عن أسبابه، والغفلة عن التحفظ عنها، فنسيت ذريته، أي: كان من طبائعها النسيان، وظاهره أن الجحد والنسيان لولا صدورهما عن أبي البشر لما اتفق ذلك لأولاده كما فسرته آنفاً.


(١) سورة مريم الآية: (٢٧).
(٢) سورة يوسف الآية: (٧٧).
(٣) كذا في المخطوط، والذي في "جمهرة الأمثال" (٢/ ٣٨٠) الأصول.
(٤) كلمة غير مقروءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>