للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسوية بين الاستغفار وتركه كما فهم عمر لما يقتضيه سياق القصة من قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} إلى آخره، وحمل السبعين على المبالغة.

وأقوى ما أجيب به عن ذلك أن قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا} إلى آخره لم ينزل مع أول الآية بل تراخى نزوله ففهم - صلى الله عليه وسلم - من ذلك القدر النازل ما هو الظاهر [٣٣٥/ ب] من أن (أو) للتخيير، وأن العدد لا مفهوم له ولا إشكال حينئذٍ [ذكره في التوشيح] (١) قلت: قوله: {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} إخبار بعدم المغفرة قد أفاد الحكم قبل نزول علته وهي: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا} إلى آخره، فلم يرتفع الإشكال.

وفي الإتحاف (٢) قوله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} إن قلت: المراد بالتركيب الأول استواء الاستغفار وعدمه وبالثاني المبالغة لا العدد المخصوص، فما وجه ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه حمل [الأول] (٣) على التخيير والثاني على حقيقة العدد؟ والحاصل أنه حملهما على الحقيقة دون المجاز الذي دل المقام على أنه المراد.

قلت: أحسن ما فتح الله به بعد الزمن الطويل، وعدم الظفر من كلام الناس بما يشفي أنه من حمل كلام المتكلم على أخفى معنييه إظهاراً للطمع في فصله والاشفاق مما دل عليه المقام من الشدة نحو: مثل الأمير من حمل على الأدهم والأشهب.

وفدت الأخيلية على الحجاج فأمر بعض خدمه أن يعطيها مائة، فقالت: مُره أن يجعلها أدما، فقال الخادم: إنما أراد الأمير الشاء، فقال الحجاج: اجعلها أدما فأخذت مائة من الإبل


(١) زيادة من (أ).
(٢) تقدم ذكره.
(٣) في (ب) الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>