للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث (١)، ولما حج الرشيد سمع عليه الموطأ وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، ثم قال له: ينبغي أن تخرج معنا فإني عزمت على أن أحمل الناس على الموطأ كما حمل عثمان - رضي الله عنه - الناس على القرآن. فقال: أما حمل الناس على الموطأ فليس إلى ذلك سبيل، فإن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - افترقوا بعده في البلاد، فعند أهل كل مصر علم (٢) وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اختلاف أمتي رحمة" (٣) وأما الخروج معك فلا سبيل إليه.


= انظر تخريج هذه الآثار، والكلام على هذه المسألة بالتفصيل في تحقيقي "لنيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار" للشوكاني عند شرح الأحاديث رقم (٢٠/ ٢٨٦١ - ٢٣/ ٢٨٦٤).
(١) "ترتيب المدارك" (١/ ٢٢٨ - الحياة) و"وفيات الأعيان" (٤/ ١٣٧) و"حلية الأولياء" (٦/ ٣١٦).
(٢) انظر "ترتيب المدارك" (١/ ١٩٢، ١٩٣ - الحياة) و"سير أعلام النبلاء" (٨/ ٧٨ - ٧٩).
وفيهما يقول مالك: لما حجَّ المنصور، دعاني فدخلتُ عليه, فحادثته, وسألني فأجبته، فقال: عزمتُ أن آمر بكتبك هذه - يعني: الموطأ - فتنسخ نُسخاً، ثم أبعث إلى كل مصرٍ من أمصار المسلمين بنسخة، وآمُرهُم أن يعملوا بما فيها، ويَدَعوا ما سوى ذلك من العلم المحدث، فإني رأيت أصْل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم. قلت: يا أمير المؤمنين! لا تفعل، فإن الناسَ قد سيقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورَوَوْا رواياتٍ، وأخذ كُلُّ قوم بما سيق إليهم، وعملوا به، ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، وإن رَدَّهم عما اعتقدوه شديدٌ، فدعِ الناس، وما هم عليه, وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم فقال: لعمري! لو طاوعتني لأمرتُ بذلك. اهـ.
(٣) لا أصل له. ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند، فلم يوفقوا، حتى قال السيوطي في "الجامع الصغير" رقم (٢٨٨). "ولعله خُرِّج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا".
وتعقبه المحدث الألباني في "الضعيفة" (١/ ١٤١ رقم ٥٧): "وهذا بعيد عندي، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده".
ونقل المناوي في "فيض القدير" (١/ ٢١٢) عن السبكي أنه قال: "وليس بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف، ولا موضوع. =

<<  <  ج: ص:  >  >>