للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدَ عِنْدَ غُرُوب الشَّمسِ فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ! أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ الشَّمْسُ؟ " قَالَ: قُلْتُ الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "تَذْهَبُ تَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لهَا، فَيُقَالُ لهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ. فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ


= الثاني: أن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم، فكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح؛ ولهذا كانت عند النصاري إحدى المدائن الأربعة اللاتي فيهن بتاركةٌ، وهن القدس لأنها بلد المسيح، وأنطاكية؛ لأنها أول بلدة آمنت بالمسيح عن آخر أهلها.
والإسكندرية لأن فيها اصطلحوا على اتخاذ البتاركة والمطارنة، والأساقفة، والقساوسة, والشمامسة، والرهابين، ثم رومية لأنها مدينة الملك قسطنطين الذي نصر دينهم وأطده, ولما أبتني القسطنطينية نقلوا البترك من رومية إليها، كما ذكره غير واحد ممن ذكر تواريخهم كسعيد بن بطريق وغيره من أهل الكتاب والمسلمين، فإذا تقرر أن أنطاكية أول قرية آمنت، فأهل هذه القرية قد ذكر الله تعالى أنهم كذبوا رسلهم، وأنه أهلكهم بصيحة واحدة، فأخذتهم، فالله أعلم.
الثالث: أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب المسيح بعد نزول التوراة، وقد ذكر أبو سعيد الخدري وغير واحد من السلف؛ أن الله تعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم، بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين، ذكروه عند قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} [القصص: ٤٣]، فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة في القرآن قرية أخرى غير أنطاكية، كا أطلق ذلك غير واحد من السلف أيضاً.
أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظاً في هذه القصة، مدينة أخرى غير هذه المشهورة المعروفة, فإن هذه لم يعرف أنها أهلكت لا في الملة النصرانية، ولا قبل ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>