جيشان وجيشان من اليمن فسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أو مسكر هو؟ قال: نعم. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كل مسكر حرام وإن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله. قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار» وعن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب مسكرا بخست صلاته أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال. قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله قال: صديد أهل النار» أخرجه أبو داود. عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم تقبل منه صلاة سبعا وإن مات فيها مات كافرا فإن أذهبت عقله عن شيء من الفرائض. وفي رواية عن القرآن لم تقبل صلاته أربعين يوما وإن مات فيها مات كافرا» أخرجه النسائي.
عن عثمان بن عفان قال: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث فإنه والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلّا يوشك أن يخرج أحدهما صاحبه أخرجه النسائي موقوفا عليه وفيه قصة عن أنس قال لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وواهبها وآكل ثمنها أخرجه الترمذي.
(فصل: في أحكام تتعلق بالخمر) وفيه مسائل: الأولى في ماهيتها: قال الشافعي: الخمرة عبارة عن عصير العنب النيء الشديد الذي قذف بالزبد وكذلك نقيع الزبيب والتمر المتخذ من العسل والحنطة والشعير والأرز والذرة، وكل ما أسكر فهو خمر، وقال أبو حنيفة: الخمر من العنب والرطب ونقيع التمر والزبيب فإن طبخ حتى ذهب ثلثاه حل شربه والمسكر منه حرام واحتج على ذلك بما روي عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى بعض عماله أن ارزق المسلمين من الطلاء، ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه وفي رواية: أما بعد فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان فإن له اثنين ولكم واحد أخرجه النسائي. الطلاء بكسر الطاء والمد الشراب المطبوخ من عصير العنب الذي ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، واحتج أيضا بما روي عن ابن عباس قال: حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب أخرجه النسائي. واستدل أيضا على أن السكر حرام لما روي عن أبي الأحوص عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«اشربوا ولا تسكروا» وعن عائشة نحوه أخرجه النسائي. وقال هذا حديث غير ثابت، واستدل الشافعي على أن الخمر في عدة أشياء بما روي عن ابن عمر أن عمر قال على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أما بعد أيها الناس أنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل ثلاث، وددت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا أخرجه البخاري ومسلم (ق) عن عائشة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن البتع فقال كل شراب أسكر فهو حرام. البتع شراب يتخذ من العسل كان أهل اليمن يشربونه. عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إن من العنب خمرا وإن من البر خمرا وإن من الشعير خمرا وإن من التمر خمرا» أخرجه أبو داود. وزاد في رواية والذرة وإني أنهاكم عن كل مسكر وللترمذي نحوه وزاد وإن من العسل خمرا (خ) عن ابن عباس أنه سئل عن الباذق فقال: سبق حكم محمد في الباذق، فما أسكر فهو حرام عليك والشراب الحلال الطيب ليس بعد الحلال الطيب ليس بعد الحلال الطيب إلّا الحرام الخبيث قال صاحب المطالع: الباذق بفتح الذال المعجمة هو الطلاء المطبوخ من عصير العنب كان أول من صنعه وسماه بنو أمية لينقلوه عن اسم الخمر، وكل ما أسكر فهو خمر لأن الاسم لا ينقله عن معناه الموجود فيه. وقال ابن الأثير في النهاية الباذق الخمر تعريب باذه وهو اسم للخمر بالفارسية أي لم يكن في زمانه أو سبق. قوله: فيها وفي غيرها من جنسها. وقيل معناه سبق حكم محمد صلّى الله عليه وسلّم إن ما أسكر فهو حرام. عن أم سلمة قالت: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن كل مسكر ومفتر أخرجه أبو داود: والمفتر كل شراب أحمى الجسد وصار