[حكم ترك الصلاة]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، فمن حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة, ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد, إن شاء عذبه وإن شاء غفر له)].
هذا الحديث احتج به من قال: إن ترك الصلاة ليس بكفر, لكنه حديث ضعيف (لا يصح، والعجيب أن المؤلف ما وجد إلا هذا الحديث المتكلَّم فيه يستدل به على عدم جواز ترك الصلاة, مع أن الأحاديث كثيرة في هذا, ولو صح هذا الحديث فهو محمول على ما جاء في رواية ابن ماجة من أتى بها ولم ينتقص شيئاً منها.
فالمقصود أن الحديث ضعيف؛ لأن الحديث يدل على عدم كفر تارك الصلاة, ولأنه قال: من أتى بها كان له عند الله عهد، ومن لم يأت بها لمن يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء لم يعذبه) , لكنه لا يصح, والأحاديث الصحيحة دالة على كفر تارك الصلاة، كحديث: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة).
وحديث: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).
وحديث: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله).
وحديث: (من ترك الصلاة متعمداً فقد برأت منه ذمة الله).
وقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١].
وقول جمهور العلماء وهو الصواب: أن ترك الصلاة كفر وردة ولو لم يجحد وجوبها, أما إذا جحد وجوبها فهذا بالإجماع, وهذا الحديث ضعيف لا يصح، فإن قيل: إن قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [التوبة:٥] لا يدل على كفر تارك الصلاة؛ لأن ترك الزكاة ليس كفراً، يعني من غير جحود، فهل هذا صحيح؟ أقول: لقد جاء الوعيد الشديد لتارك الزكاة, فقد ورد في الحديث: (أن صاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤدي زكاتها تبطح لها بقاع قرقر، ثم تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها, وكلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم بعد ذلك يرى سبيله إما إلى الجنة وإما النار).
فدل على أنه ليس بكافر؛ لأنه لو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة, فهذا النص أخرج الزكاة وبقيت الصلاة على الحكم الأصلي، {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١] فهنا علق العقوبة على ثلاثة أمور: التوبة والصلاة والزكاة, والزكاة جاء ما يصرفها وبقيت الصلاة.