للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ستر العورة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشرة، وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة، والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة].

هذا الشرط الثالث من شروط الصلاة وهو ستر العورة بما لا يصف البشرة، فيسترها بثوب، أو بشيء لا يصف البشرة فإن كان يصف البشرة فلا يعتبر ساتراً، والذي لا يصف البشرة هو: الذي يرى لون البشرة من ورائه، كأن يرى الحمرة أو السواد أو البياض، فهذا يصف البشرة وبعض الناس تكون عليه ثياب خفيفة وتحته سروال، لكنه سروال قصير يصف البشرة، وهذا مما ينبغي ملاحظته، فمن كان عنده سروال إلى نصف الفخذ وترى من ورائه البشرة، فهذا لا يجزي إذا كانت البشرة ترى من ورائه، ولا بد من أن يكون السروال إلى الركبة، أو يكون الثوب صفيقاً، ولا يكون خفيفاً.

إذاً: حد الثوب الذي لا يستر هو: أن يصف البشرة، بأن تُرى البشرة من ورائه، ويُرى لونها من ورائه.

وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، وكذلك الأمة التي تباع وتشترى، وأم الولد، وأما المرأة الحرة فكلها عورة، إلا وجهها في الصلاة إذا لم يكن عندها رجال أجانب، فإن كان عندها رجال أجانب وجب عليها ستر الوجه.

وأما قوله: (وجهها وكفيها) فهذا قول لبعض أهل العلم والصواب أن وجهها وكفيها لابد من سترهما وبعضهم أيضاً ذكر الخلاف في رجليها، ولكن الصواب: أن الرجلين عورة وأنه إذا بدت رجليها فلا تصح صلاتها، لحديث أم سلمة رضي الله عنها كما في أبي داود لما قالت: (يا رسول الله! أتصلي المرأة في درع وخمار؟ قال: نعم، إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)، فلابد من تغطية الرجلين، وأما الكفان ففيهما خلاف على قولين لأهل العلم، والصواب: أنها تستر الكفين وتكشف الوجه إذا كانت في بيتها وليس عندها أجانب، فإن كانت في محل فيه رجال أجانب فتستر وجهها.

وأما البنت الصغيرة فكالرجل والأمة كذلك، ولكن الأمة إذا كانت جميلة فإنه يخشى منها الفتنة فوجب ستر الفتنة، والغالب أن الإماء لا تفتن، ولهذا جاء في بعض الآثار: أن إحدى الإماء لما سترت وجهها، ضربها عمر وقال: تتشبهين بالحرائر؟! والمعروف أن الأمة تباع وتشترى وينظر إليها سيدها ليشتريها، ولكن إذا خيف الفتنة وجب سترها دفعاً للفتنة، وإلا فالأصل أنها ليست كالحرة؛ لأن الحرة لها شأن، وهذه كالمتاع تباع وتشترى والحرة لها أحكام الخاصة.

والدليل من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمر الأمة بالحجاب؛ لأنها تباع وتشترى.

وبعض الناس اليوم يجعل الخادمات مثل الإماء، وليس كذلك؛ لأن الخادمات الآن حرائر، ولا يجوز للإنسان أن يخلو بها، ولا يجوز لها أن تكشف أمامه، والإماء إنما يوجدن إذا كان هناك عبيد، ووجودهن يدل على قوة الإسلام، فإذا وجد الجهاد في سبيل الله وجاهدنا الكفار، وغنمنا نساءهم وأموالهم فقد صارت نساءهم إماء لنا، ورجالهم أرقاء، ثم يتناسلون، ويكون أولادهم أرقاء، لكن الآن لا يوجد جهاد.

والله المستعان.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة، والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة].

يعني: وعورتها من السرة إلى الركبة حتى تتحرر.

ويجب على الرجل ستر العاتقين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء).

ومن الأدلة على أن عورة الأمة من السرة إلى الركبة ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورتها، وإنما تحت السرة إلى الركبة عورة يريد الأمة) رواه الدارقطني، وقال: حديث حسن، وأخرجه أبو داود وأحمد.

وهذا الأصل، ولكن التستر مطلوب فعورة الرجل من السرة إلى الركبة، ولكن لا يصح أن يمشي الآن أحد هكذا، فيستر العورة فقط، ولا شك أن من الكمال أن يستتر، وهو الأصل.