[ما جاء في الوديعة]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الوديعة.
وهي أمانة عند المودع لا ضمان عليه فيها إلا أن يتعدى].
الوديعة: هي ما يودع عند الإنسان، فإذا أودع شخص أمانة عند آخر فإنها تسمى وديعة، فإذا أودعها أمانة يحفظها عنده فإنه يعتبر مؤتمناً في هذه الحالة، فإن لم يتعد ولم يفرط فلا يضمنها إذا تلفت، وإذا أودع شخص عند شخص أمانة كسيارة أو أمتعة أو أوانٍ أو أقمشة ثم تلفت فإنه لا يضمنها، إلا إذا تعدى وفرط، فإذا تعدى وفرط ضمنها لأنه فرط في حفظها.
ولو كان الأمين يضمنها لانقطع المعروف، وصار كل واحد لا يقبل الأمانة، فالمودع أمين لا يضمنها إذا تلفت إلا إذا فرط وتعدى، أما إذا حفظها بما تحفظ به أمثالها ولكنها تلفت بدون تعد فلا يضمنها، أما إذا تسبب وتعدى وفرط كما في هذه الصور التي ذكرها المؤلف رحمه الله فإنه يضمنها.
قال: [وإن لم يحفظها في حرز مثلها].
أي: إذا لم يحفظها في حرز مثلها فإنه يضمنها، مثلاً: أعطاك سيارة، وتركتها في الشارع، وفي عرف بعض البلدان أنه في الليل يتركها في الشارع ولا يضمن، لكن لو قال له: أدخلها البيت فأنا لا آمن عليها ثم تساهل وتركها في الشارع، فقد خالف قول المودع، فإنه يضمنها في هذه الحالة.
كذلك الدراهم تكون محفوظة في الصناديق والأقفال.
قال: [أو مثل الحرز الذي أمر بإحرازه فيه].
يعني: وضعها في حرز أقل حفظاً من الحرز الذي أمره، في هذه الحالة يضمنها؛ لأنه خالف ما أمره به.
قال: [أو تصرف فيها لنفسه].
يعني: لو تصرف فيها لنفسه، مثلما يفعل بعض الناس حيث يتكلف ويأخذ الوديعة قرضاً، ثم يردها بعد ذلك، ولكن في هذه المرة لم يستطع أن يردها، أو ضاعت ولم يستطع أن يردها فإنه يضمنها؛ لأنه متعد.
قال: [أو خلطها بما لا تتميز منه].
يعني: إذا خلطها بشيء لا يمكن فصلها منه، أو اختلطت مع غيرها في أشياء مشابهة لها، فإنه يضمنها في هذه الحالة؛ لأنه متعد.
قال: [أو أخرجها لينفقها ثم ردها].
يعني: أخرج الأمانة وأنفقها وردها ثم بعد ذلك تلفت، فيضمنها في هذه الحالة؛ لأنه متعد.
يعني: لما أخرجها صار ضامناً لها ولو لم ينفقها، فلو أنه كانت عنده وديعة لفلان دراهم، وقال: أنا أقترضها وأردها عليه، ثم بعد أن أخرجها قال: لا، هذا لا يحل، فأرجعها مرة ثانية فتلفت، فإنه يضمنها في هذه الحالة بمجرد إخراجها أول الأمر.
قال: [أو كسر ختم كيسها].
يعني: إذا كان عليها ختم أو كيس، فهتك الحرز؛ فإنه يضمنها لو تلفت.
قال: [أو جحدها ثم أقر بها].
يعني: لو قال صاحب الأمانة: أعطني الأمانة، فقال: ليس عندي لك شيء، ثم قال: عندي فإنه يضمنها في هذه الحالة؛ لأنه بجحودها صار متعدياً.
قال: [أو امتنع من ردها عند طلبها مع إمكانه ضمنها].
يعني: إذا امتنع من ردها حين طلبها منه صاحبها وهو مستطيع، ثم تلفت يضمنها؛ لأنه يعتبر متعدياً لامتناعه.
قال: [وإن قال: ما أودعتني ثم ادعى تلفها أو ردها لم يقبل منه].
يعني: لو قال: ما أودعتني ثم قال: أودعتني لكنها تلفت، أو رددتها عليك، لا يقبل منه في هذه الحالة إلا ببينة؛ لأنه أنكر ثم اعترف وأقر.
قال: [وإن قال: ما لك عندي شيء، ثم ادعى ردها أو تلفها قبل].
هذه الصورة تختلف عن التي قبلها، فلو قال: ما لك عندي شيء، ثم قال بعد يوم: نعم، ما لك عندي شيء؛ لأني رددت عليك الأمانة، فهذا يقبل، يعني: كان لك عندي شيء، لكن الآن ما لك عندي شيء؛ لأنها تالفة وهو لم يفرط، أو لأنه ردها عليه، كل هذا يقبل.