للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم صلاة العيد]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب صلاة العيدين.

وهي فرض على الكفاية، إذا قام بها أربعون من أهل المصر سقطت عن سائرهم].

والعيد: اسم لما يعود ويتكرر إما في اليوم أو في السنة أو في الشهر، كالجمعة في الأسبوع، والعيدان هما: عيد الفطر وعيد الأضحى، وقوله: (باب صلاة العيدين)؛ لأنه ليس هناك إلا عيدان وهما عيد الفطر وعيد الأضحى.

وهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين.

وقال آخرون من أهل العلم: إنها سنة، وذهب بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه فرض عين، وقال: إن صلاة العيدين فرض عيني سنوي، كما أن الجمعة فرض أسبوعي، والصلوات الخمس فروض يومية، فكذلك العيدان فرض عيني على كل أحد، وقال: إن النصوص تدل على أنها فرض عين، ومن الأدلة على ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج الحيض والعواتق وذوات الخدور من النساء في العيدين)، ولما قالت امرأة: (يا رسول الله! المرأة ليس لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها ولتشهد العيدين).

فثبت أنه (أمر العواتق وذوات الخدور والحيض أن يخرجن فيصلين مع الناس ويشهدن الخير وتعتزل الحيض المصلى).

فدل هذا على أن صلاة العيد فرض عين؛ لأنها فرض سنوي، وهو قول قوي، والمشهور في المذهب أنها فرض كفاية، فإذا صلى بعض الناس سقط الإثم عن الباقين، وقول المؤلف: إنه إذا وجد أربعون رجلاً وصلوا سقط فرض الكفاية، هذا على القول بأنه اشترط لصلاة العيد أربعين رجلاً كما مضى في الجمعة، أنه في المذهب اشترط أن الجمعة لا تقام إلا بأربعين رجلاً، واستدلوا بحديث: مضت السنة في كل أربعين فصاعداً جمعة.

لكنه ضعيف، والمسألة فيها خلاف، والمذهب على أنه لا تنعقد الجمعة إلا بأربعين رجلاً، وقال آخرون: تنعقد باثني عشر رجلاً؛ لأن الصحابة خرجوا من المسجد لاستقبال القافلة، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً، وأنزل الله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة:١١] فدل على أن الجمعة تنعقد باثني عشر رجلاً، وقال آخرون: تنعقد بأربعة، والصواب كما سبق أنه إذا وجد ثلاثة في قرية فتصح بهم الجمعة، لأن الجمعة لا تقام إلا في القرى والأمصار، ولا تقام في المخيمات ولا في البوادي ولا في المخيمات التي متنزهات، وإنما تقام في بلد أهله مستقرون مستوطنون، إما في بيوت الحجر والأسمنت أو الطين التي على وجه الدوام، فتقام فيهم الجمعة، وإذا وجد ثلاثة أقيمت فيهم جمعة، فهذا هو الصواب، إمام خطيب ومؤذن، ومأموم، فيكون الخطيب، والمؤذن ومعه آخر يستمعون الخطبة فيصلي بهم.

وكذلك العيد على الصحيح، فيصلون العيد إذا كانوا ثلاثة كالجمعة، أما قول المؤلف من أنه لابد من أربعين فهذا قول ضعيف، والحديث الذي استدلوا به حديث ضعيف لا يحتج به.