[ما يستحب فعله عند دخول مكة]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب دخول مكة.
يستحب أن يدخل مكة من أعلاها، ويدخل المسجد من باب بني شيبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل منه].
يستحب دخول مكة من أعلاها، والمسجد من باب بني شيبة، والخروج من أسفلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، فدخل من الثنية العليا، وخرج من الثنية السفلى، فيستحب للمسلم أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل مكة من أعلاها من جهة الحجون؛ لأنه إذا جاء من جهة الحجون يكون مقابل الكعبة من أمامها، وهو الذي كان يأتيه حجاج نجد، ويخرج من أسفلها وهذا من باب الاستحباب، وأعلاها يقال له: كَدى بالفتح، وأسفلها يقال له: كُدى، وأهل مكة يقولون: افتح وادخل واضمم واخرج، افتح وادخل: كَدى، واضمم واخرج: كُدى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها من كَدى وخرج من كُدى، وهذا من باب الاستحباب، وإلا فلو دخل من أي جهة فلا حرج.
وكذلك دخول المسجد من باب بني شيبة، ويقال له مؤخراً: باب السلام؛ لأنه إذا دخل منه يأتي الكعبة من أمامها مواجهاً لها، ويقابل الحجر، وإن دخل من أي باب فلا حرج عليه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإذا رأى البيت رفع يديه وكبر الله، وحمده ودعا، ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمراً].
وهذا وردت فيه آثار من الصحابة، لكن في ثبوتها نظر، ولكن الثابت: أنه يقدم رجله اليمنى، ويقول الذكر المشروع في دخول المساجد: باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم.
وقول: رب افتح لي أبواب رحمتك، أخذ من عدة آثار، وأما التسمية فإنها وردت في حديث منقطع من رواية فاطمة بنت الحسين عن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فاطمة الصغرى، وفاطمة الكبرى، وهي لم تسمع منها، فهو منقطع، لكن يدل على التسمية الأدلة العامة في الحث على قول باسم الله عند كل أمر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمراً أو بطواف القدوم إن كان مفرداً أو قارناً].
وكذلك إذا كان متمتعاً، فالمعتمر هو الذي أتى بعمرة وحدها في أي وقت يبدأ بطواف العمرة، وطواف القدوم يكفي عنه طواف العمرة في هذه الحالة، كما لو جاء وقد أقيمت الصلاة في الفريضة، فأداء الفريضة تكفي عن تحية المسجد، كذلك طواف العمرة يكفي عن طواف القدوم، هذا إذا كان معتمراً.
وكذلك إذا كان متمتعاً -وهو الذي أتى بالعمرة ويريد أن يحج من عامه- فطوافه يكون للعمرة، ولا يحتاج لأن يطوف طواف القدوم، فلا يطوف طوافين أحدهما للقدوم والثاني للعمرة، يطوف طواف العمرة فيكفي عن القدوم.
أما إذا كان مفرداً أو قارناً -والمفرد: هو الذي لبى بالحج وحده، والقارن: هو الذي لبى بالحج والعمرة معاً- فهذا يطوف طواف القدوم، وهو سنة وليس بواجب.
أما طواف الحج بالنسبة للقارن فإنه يكون يوم العيد، وهو طواف الإفاضة، ويكون طوافه الأول سنة للقدوم.
أما المعتمر فطوافه فرض؛ لأن عليه طوافين وسعيين، طواف للعمرة وسعي للعمرة، وطواف للحج وسعي للحج.
أما المفرد والقارن ما عليهما إلا طواف واحد وسعي واحد، فلهذا كان الطواف الأول للقدوم.
وأما تحية الكعبة فهي الطواف، وتحية المسجد صلاة ركعتين، فإذا أراد أن يطوف طاف، وإذا لم يرد الطواف صلى ركعتين، وجلس كسائر المساجد.