هذا هو الناقض الخامس: لمس المرأة بشهوة، فإذا لمسها بشهوة فإنه ينقض الوضوء، وهذا ما ذهب إليه المصنف، وقال آخرون: إن لمس المرأة ينقض مطلقاً بشهوة أو بغير شهوة، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله.
والقول الثالث: أن لمس المرأة لا ينقض مطلقاً بشهوة أو بغير شهوة، وهذا هو الصواب، إلا إذا خرج من ذكره شيء فهذا ينتقض وضوءه لخروج هذا الشيء، وأما إذا لم يخرج منه شيء فلا، والدليل على هذا ما ثبت في الصحيح:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ويخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ).
ويرى الشافعية أن مس المرأة مطلقاً ينقض الوضوء، وعلى هذا إذا كان يطوف بالبيت الحرام ومس فإنه ينتقض وضوءه، وهذا حرج ومن يستطيع هذا ولاسيما في هذا الزمان مع كثرة الناس والزحام عند أبواب المسجد الحرام وفي الطواف إلا من كان يلبس قفازين، أي: أنه يلزم أن يلبس قفازين حتى لا تمس يده يد المرأة، وهذا فيه حرج ومشقة.
وأما استدلالهم بالآية:{أَوْ لامَسْتُمُ}[النساء:٤٣] فالصواب أن (لامستم) المراد به الجماع، وكذلك (أو لمستم) هذا كناية عن الجماع؛ لأن الله تعالى ذكر طهارة الحدثين الأصغر والأكبر في الآية، قال سبحانه وتعالى:{وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}[النساء:٤٣]، فهذا الحدث الأصغر، {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[النساء:٤٣]، هذا الحدث الأكبر:{فَتَيَمَّمُوا}[النساء:٤٣]، فالآية ذكر فيها الحدث الأصغر والأكبر.
ولا فرق عند الشافعية في اللمس بين الصغيرة والكبيرة وذات المحرم وغيرهم؛ لعموم الدليل، وهذا مما يدل على ضعف ما ذهبوا إليه.