للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم من أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً فعليه القضاء].

يعني: إذا أكل في آخر الليل يظن أن الليل ما زال باقياً، فتبين أن أكله كان بعد طلوع الفجر، فعليه القضاء على المذهب، وهو قول جمهور العلماء.

القول الثاني لأهل العلم: أنه ليس عليه قضاء، وصومه صحيح، كمن أكل يغلب على ظنه أن الشمس غربت، ثم تبين أنها لم تغرب، فلا يقضي في الصورتين.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة إلى القول الثاني لأهل العلم- واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو أنه لا يقضي في الصورتين؛ لأنه معذور بجهله في الحال، فإذا أكل في آخر الليل يظن أن الليل باقياً، ثم تبين أن الفجر قد طلع فلا يفطر؛ لأنه معذور بجهله بالحال، وكذلك لو أكل يظن أن الشمس قد غربت ثم تبين أنها لم تغرب فإنه لا يقضي؛ لأنه معذور بجهله في الحال.

والجمهور على أنه يقضي في الصورتين وهو الأحوط، وكونه معذوراً في أنه لا يلحقه إثم، أما القضاء فإنه يقضي، ومن أكل شاكاً في طلوع الفجر ولم يتبين أنه طلع فصومه صحيح؛ لأن الأصل بقاء الليل، ومن أكل شاكاً في غروب الشمس ولم يتبين أنها غربت فعليه القضاء؛ لأن الأصل بقاء النهار، فالعبرة بالأصل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً فعليه القضاء، ومن أكل شاكاً في طلوع الفجر لم يفسد صومه].

لأن الأصل بقاء الليل، إذا كان شاكاً ولم يتبين له فصومه صحيح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن أكل شاكاً في غروب الشمس فعليه القضاء].

لأن الأصل بقاء النهار، إلا إذا تبين له أنها غربت.

والظن هو شك غالب، أي: هو تردد بين الشيئين أحدهما غالب.

والشك: أن يستوي الطرفان، فإذا شك في شيء، يعني: تردد فيهما على حد سواء، فهو شك وإذا غلب أحد الأمرين فيسمى ظناً، والثاني المرجوح يسمى وهماً.

وكأن مراده بالظن هنا الشك، فيطلق الظن على الشك، فمن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً، إذا بان ولو كان عنده غلبه الظن، حتى ولو كان عنده يقين أن الليل باقٍ ثم تبين أنه نهار فيقضي، والسبب أنه قال: ثم بان، أما إذا لم يتبين فليس عليه شيء، فهو أكل وعنده ظن غالب بل عنده يقين أن الليل باقٍ، ثم تبين له أن الناس صلوا وهو يأكل، فهذا يقضي؛ لأنه صار يقينه لا عبرة به.

أما شيخ الإسلام فلا يرى عليه القضاء في هذه الحالة؛ لأنه جاهل بالحال.

وإذا أذن المؤذن قبل الوقت فأفطر، ثم تبين أن الشمس ما غربت، فإنه يقضي عند الجمهور، كما في قصة أسماء: (أفطرنا في يوم غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس) قال: وسئل هشام عن القضاء؟ قال: لابد من قضاء.

وشيخ الإسلام يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمرهم بالقضاء، ولو أمرهم لبقي، وأما قول هشام: لابد من قضاء، فهذا باجتهاد منه، والجمهور أخذوا بقول هشام: لابد من القضاء.

وإذا أكل ظاناً أن الشمس غربت ثم أخبر بعد أنها لم تغرب فكما سبق، يقضي على المذهب وهو قول الجمهور.