[تكبيرة الإحرام وصفتها]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: صفة الصلاة.
وإذا قام إلى الصلاة، قال: الله أكبر، يجهر بها الإمام وبسائر التكبير، ليسمع من خلفه ويخفيه غيره].
من السنة، أن يجهر الإمام بالتكبير، وأن يسرالمأموم.
وأول أركان الصلاة تكبيرة الإحرام، ولا تنعقد الصلاة إلا بها، ومعلوم أن النية تتقدمها، وكذا استقبال القبلة، والطهارة، فكل هذه شروط تتقدمها، ثم إن أول ركن من أركان الصلاة أن يقول: الله أكبر، ولا يجزئ غيرها، فإذا قال: الله الأعظم أو الأجل لا يصح، ولا بد من الإتيان بها للإمام والمأموم والمنفرد، فمن لم يكبر بتكبيرة الإحرام فصلاته باطلة، وقوله: (يجهر بها الإمام حتى يسمع من خلفه)، لا يخصها وحدها بل كذلك ينبغي أن يجهر بباقي التكبيرات، وقد كان بنو أمية يسقطون التكبيرات، وهذا من الأشياء التي أحدثوها وهي خلاف السنة، فالسنة إثبات التكبيرات -تكبيرة الإحرام وتكبيرة الانتقال- إذ إن لكل صلاة تكبيرات انتقال مع تكبيرة الإحرام، وعددها اثنان وعشرون تكبيرة في الرباعية، وسبع عشرة في الثلاثية، وست عشرة في الثنائية، وكلها لا بد منها، لكن التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام ركن بالاتفاق، ومن لم يأت بها بطلت صلاته، ولا بد أن تكون بلفظ التكبير، فإذا أبدله بغيره لم يصح، وهذا يروى عن أبي حنيفة أن يقول: إنه يصح أن يقال: الله الأعظم أو الأجل، وهذا ضعيف ولا يعتمد عليه.
وقد يقول قائل: كيف كان بنو أمية ينتقلون من ركن إلى ركن بدون تكبير؟
و
الجواب
أنهم كانوا يسكتون، ولهذا لما كبر بعضهم أنكر عليه بعضهم وقال: ما رأيت شيخاً أحمق من هذا الشيخ كان يكبر على أن تلك هي السنة، وقيل: أن بعض التابعين روى ذلك عن ابن عباس.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويرفع يديه عند ابتداء التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه].
ومن السنة أن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام حتى تكون حذو منكبية، أو إلى فروع أذنيه، وذلك لما جاء في الصحيحين وغيرهما أنه كان يحاذي منكبيه، وجاء في حديث آخر أنه كان يحاذي فروع أذنيه، وقد اصطلح العلماء في الجمع بينهما، فمن العلماء -كـ النووي وغيره- من قال: إن أطراف الأصابع تحاذي فروع الأذنين، والكف يحاذي المنكبين.
والقول الثاني: أن يفعل الصفة الأولى تارة والثانية تارة، وهذا هو الصواب، ويكون هذا الاختلاف من اختلاف التنوع لا التضاد، يرفع المصلي يديه في أربعة مواضع في: تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعن الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، ويكون الرفع في هذه المواضع الأربعة، تارة إلى فروع الأذنين، وتارة إلى حذو المنكبين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويرفع يديه عند ابتداء التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ويجعلهما تحت سرته].
قوله: يرفع عند التكبير، أي: يبدأ الرفع عند التكبير وينتهي عند التكبير، وهذه هي السنة، أما ما يفعله بعض الناس من رفع قبل التكبير أو لا يرفع إلا بعد التكبير فهو خلاف السنة، إنما السنة أن يرفع يديه عند ابتداء التكبير وينهيه مع نهاية التكبير.
أما جعل اليدين تحت السرة فهو ضعيف؛ لأنه ورد من حديث علي رضي الله عنه: (من السنة قبض اليمين على الشمال وجعلهما تحت سرته)، وهذا حديث ضعيف، والصواب حديث قبيصة بن هلب أنه يضعهما فوق صدره، فيضع اليمين على الشمال ويضعهما فوق صدره، وهذا هو الثابت والسنة.
وعلى كل حال فالرفع كله سنة، لكن السنة أن يكون عند ابتداء التكبير وينهيها مع انتهاء التكبير، ولو ترك هذا لا يأثم، لأن ذلك ليس بواجب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويجعل بصره إلى موضع سجوده].
ومن السنة في الصلاة كذلك أن يجعل بصره إلى موضع سجوده؛ حتى لا يتشتت فينظر يميناً وشمالاً، وإنما يجعل بصره على موضع سجوده؛ ليكون بذلك أخشع له.