قال المصنف رحمه الله تعالى:[وإن غصب جارية فوطئها وأولدها لزمه الحد وردها ورد ولدها ومهر مثلها وأرش نقصها وأجرة مثلها].
هذا الحكم حين كانت الجواري تباع وكان العبيد يباعون، والرق سببه الكفر، فالمسلمون إذا غزوا الكفار وجاهدوا في سبيل الله وغنموا أموالهم وأولادهم صاروا عبيداً للمسلمين، فيوزعون على الجيش، ثم يبقون عبيداً يتناسلون ويتوالدون ويباعون، فالعبد مثله مثل المال، يبيعه المرء ويشتريه، وإذا اشترى الجارية فله أن يتسراها، فيطؤها بملك اليمين، وله أن يزوجها بآخر إذا كان لا يريد أن يتسراها.
فالرق الشرعي سببه الكفر، وأما سرقة الأولاد وبيعهم فهي أمر محرم، ومن باع حراً وأكل ثمنه فقد جاء في حقه الوعيد الشديد، فإذا اشترى شخص جارية، فجاء ظالم وغصب الجارية، بحيث أخذها بالقوة، ثم وطئها، فولدت ولداً، ثم استطاع المغصوب منه أن يرد الجارية وألزم الغاصب بأنه يردها، فيلزمه ردها، ويقام عليه حد الزنا، وعليه أن يردها وولدها إن كان أولدها، وعليه أرش النقص من قيمتها أيضاً؛ لأنه أولدها، وكل ما ترتب على غصبه فإنه يلزمه.
فعليه أمور: الأول: يقام عليه الحد، والثاني: رد الجارية، والثالث: رد الولد، والرابع: مهر مثلها لو كانت حرة؛ لأن البكر لها مهر، والثيب لها مهر.
والخامس: أرش النقص؛ لأن قيمتها نقصت الآن، والسادس: أجرة مثلها في المدة التي استولى عليها؛ لأن الأمة تؤجر وتعمل، فلو عملت عند أناس يكون لها أجرة، فلو غصبها سنتين أو ثلاثاً فعليه أجرة هذه المدة.