للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشك]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الضرب الثالث: الشك، فمتى شك في ترك ركن فهو كتركه].

فإذا شك هل ركع أم لا؟ فيعتبر أنه ما ركع، وكذا إن شك هل قرأ الفاتحة أم لا؟ فيقرأها، فالشك في ترك الركن كتركه، إلا إذا كان كثير الوسواس والشكوك فيبطل الوسواس؛ لأن هذا معناه أن لا يسلم له شيء، فقد يشك في كل شيء حتى في الركعة التي يأتي بها، أي: يشك فيها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن شك في عدد الركعات بنى على اليقين، إلا الإمام خاصة فإنه يبني على غالب ظنه].

لأن له من ينبهه، فإذا شك الشخص في عدد الركعات يبني على غلبة الظن إن كان عنده غلبة الظن، وإن لم يكن عنده غلبة ظن بنى على اليقين وهو الأقرب، إلا الإمام فإنه يبني على غلبة الظن؛ لأن له من ينبهه خلفه من المصلين، بخلاف المنفرد، والمأموم تابع الإمام.

والمنفرد: هو الذي ليس له من ينبهه، فيبني على غلبة ظنه، لكن هذا فيه نظر، فقد يقال: إن الإمام يبني على اليقين إذا كان عنده شك، وإذا كان عنده غلبة ظن يبني على غلبة ظنه، لكن إذا لم يكن عنده غلبة ظن فيبني على اليقين، وإن كان عنده غلبة ظن بنى عليه، فإن شك أصلاً ثلاثاً أو أربعاً وغلبة الظن ثلاث يجعلها ثلاثاً، لكن إذا لم يكن عنده غلبة ظن فإنه يبني على اليقين، سواء أكان إماماً أم مأموماً، وليس هذا خاصاً بالإمام.

وقول المؤلف رحمه الله تعالى: [إلا الإمام خاصة فإنه يبني على غالب ظنه].

هذا ليس خاصاً بالإمام، بل حتى غير الإمام إذا كان عنده غلبة ظن فإنه يعمل على غلبة الظن؛ لما جاء في حديث ابن مسعود: (فليتحر الصواب وليتم ما عليه).

أي: إذا كان عنده غلبة ظن فيعمل به، أما إذا ما كان عنده غلبة ظن فيعمل باليقين، وهو الأقل سواء أكان إماماً أم غير إمام أم منفرداً.

وقد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه قال: يبني على غلبة ظنه إماماً كان أو منفرداً، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

وهذا هو الصواب، أي: أنه يبني على غلبة الظن سواء كان إماماً أو منفرداً، أما المأموم فهو تبع للإمام.

وظاهر حديث ابن مسعود: (فليتحر الصواب وليتم ما عليه) عام ما خص به الإمام، أما حديث أبي سعيد فيعمل فيه بالأقل؛ لأنه ما عنده غلبة ظن، أما حديث ابن مسعود فيعمل فيه بغلبة الظن.

وإن شك في عدد الركعات بنى على اليقين؛ لما روى أبو سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما تيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم).

وهذا إذا لم يكن عنده غلبة ظن، والصواب: أن غلبة الظن العمل به عام للإمام وغيره.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولكل سهو سجدتان قبل السلام إلا من سلم عن نقص في صلاته، والإمام إذا بنى على غالب ظنه].

كل سهو له سجدتان، وليس المراد أنه إذا سها عدة مرات في الصلاة يسجد سجدتين لكل مرة، بل لو سها عدة مرات فيسجد سجدتين فقط ولا يكرر سجود السهو، وقوله: (ولكل سهو سجدتان) يوهم أنه إذا تكرر السهو تكرر السجود، هي سجدتان سواء سها مرة أو مرتين أو ثلاثاً.