قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها)].
وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما، وفيه دليل على تحريم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة, وهذا في غير البنيان, وأما إذا كان في البنيان فلا بأس على الصحيح من أقوال أهل العلم, والمسألة فيها أقوال ثمانية لأهل العلم: فمنهم من أجازها مطلقاً، ومنهم من منعها مطلقاً، ومنهم منعها في الصحراء وأجازها في البنيان، ومنهم من منع الاستقبال وأجاز الاستدبار, ومنهم من عكس, فهي أقوال كثيرة أرجحها أن المنع إنما هو في الصحراء والجواز في البنيان، فلا يجوز استقبال القبلة في الصحراء، والدليل على هذا أن ابن عمر رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته في بيته مستقبلاً الشام مستدبراً الكعبة، فدل على الجواز في البنيان, والقاعدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء ثم فعله دل ذلك على أن النهي ليس للتحريم، فهذا محمول على أنه إذا كان في البنيان فلا بأس به، وإذا كان في الصحراء فهو ممنوع، فخصص النهي في الصحراء والجواز في البنيان.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ويجوز ذلك في البنيان].
لحديث ابن عمر:(أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة).
وعن مروان الأصفر قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس فبال إليه، فقلت: يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا؟ قال: إنما نهي عنه في الفضاء، وإذا كان بينك وبين القبلة شيئاً يستره فلا بأس.
رواه أبو داود.
فيجوز ذلك أخذاً بالحديث، وإذا كان بينه وبين القبلة جدار أو بنيان، والراحلة مثلها.
وأبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه كان يرى المنع مطلقاً حتى في البناء قال:(فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل).