[لزوم الهبة بالقبض وبيان وجوب التسوية بين الأولاد فيها]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وتلزم بالقبض، ولا يجوز الرجوع فيها إلا الأب؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله سلم:(لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده)، والمشروع في عطية الأولاد أن يسوى بينهم على قدر ميراثهم؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)].
هذا هو الصواب، وهو أن الأب ليس له أن يفرق بين أولاده، بل يعدل بينهم، والعدل يكون بأن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، أي: أن يعطي الذكر ضعف ما يعطي الأنثى.
وهذا هو العدل؛ لأن الله تعالى قسم الميراث هكذا فقال:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}[النساء:١١]، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النعمان بن بشير نحله والده عبداً، أي: أعطاه عبد، فقالت له زوجه عمرة بنت رواحة: أشهد على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء ليشهد النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أكل ولدك نحلته هكذا -أي: أكل واحد أعطيته عبداً-؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) وفي لفظ: (أشهد على هذا غيري) وهذا من باب الإنكار، وفي لفظ:(إني لا أشهد على جور)، وفي لفظ آخر:(أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وفي رواية:(فارجعه).
كل هذا الروايات تدل على أنه لا يجوز للأب أن يفاضل بين أولاده، وأنه إذا فاضل فعليه أن يرجع في العطية أو يعطي الأولاد الآخرين مثلما أعطى الأول.
والتفضيل بينهم من أسباب القطيعة والبغضاء، فإذا عرفوا أن أباهم فضل واحداً عليهم صار بينهم بغضاء.