واختلف العلماء في العلة التي تجري فيها الربا، فالظاهرية قالوا: لا تجري الربا إلا في هذه الستة المذكورة في حديث عبادة بن الصامت؛ ذهب فضة بر شعير تمر ملح، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن هناك أصنافاً تلحق بها لموافقتها في العلة، فالذهب والفضة العلة فيها الثمنية يعني: ثمن الأشياء، فالأوراق النقدية الآن تقوم مقام الذهب والفضة، فالحكم واحد فلا يباع ورق نقدي بورق نقدي إلا يداً بيد من غير تأجيل، وإذا اختلفت العملات فلا بأس بالزيادة؛ لأن العملة قد تكون قائمة مقام الذهب، وقد تكون قائمة مقام الفضة، وإذا كانت كلها قائمة مقام الذهب فلابد من التمايز، وإذا كان بعضها قائماً مقام الفضة وبعضها قائماً مقام الذهب فلا بأس، حتى قال الإمام مالك رحمه الله: لو تعامل الناس بالجلود لكان لها حكم الذهب والفضة، والآن تعامل الناس بالورق وهي أقل من الجلود، فقال: إذا تعامل الناس بالجلود صار لها حكم الثمن، والآن يتعامل الناس بالورق فالعلة الثمن، أما الأشياء الأربعة وهي: البر والشعير والتمر والملح فاختلف العلماء في علة الربا فيها، فالحنابلة والأحناف يرون أن العلة في الكيل والوزن، والشافعي يرى أن العلة: الطُعم، ومالك يرى أن العلة الاقتيات والادخار، والحنابلة ذكروا الكيل والوزن مع الطعم، فإذا اجتمع كاملاً في الكيل والوزن والطعم فهذا يجري فيه الربا، وعلى هذا فإن الأرز يقاس على البر، فالأرز يجري فيه الربا؛ لأنه مطعوم ومكيل ومدخر، بخلاف التفاح مثلاً والبرتقال فهذا لا يكال ولا يدخر، وإن كان مطعوماً ومكيلاً، فلابد أن يدخر، فالأرز فيه ادخار وهو مطعوم ومكيل أيضاً فكل مكيل أو موزون يلحق به، وبعضهم لم يشترط الطُعم، فقال: كل مكيل من الحديد والرصاص يجري فيه الربا لا يباع بعضه من بعضه إلا مثلاً بمثل.
والمقصود: أن الجمهور اختلفوا في العلة التي فيها الربا، ولهذا ذهبت الظاهرية إلى الاقتصار على هذه الأصناف فقط.